في شهر شوال من عام ألف وثلاثمائة وست وعشرين حدثت بمكة فتنة كادت أن تفضي إلى محنة عظيمة وخلاصة أسبابها أن الدولة العثمانية كلفت أحمد القبوري - وهو الذي كان يتولى حفر القبور للموق ودفنهم - بتعمير الجدار المحيط بالمقابر منعًا لرواد القهاوي المحيطة بمقبرة المعلاة من استعمال هذه القبور لقضاء حاجاتهم، كما أُمر القبوري باعمار القبور المتهدمة، وأن يصرف على بناء الجدار وعمارة القبور المتهدمة مما يستوفيه من الناس الذين يدفنون موتاهم.
وعمد أحمد القبوري إلى زيادة ما يتقاضاه على عمله زيادة كبيرة وشاع بين الناس أن الحكومة فرضت للقبوري خمسة ريالات مجيدية على كل قبر يأخذ منها لنفسه ريالًا واحدًا ويستعمل الريالات الأربعة لبناء الجدار وتعمير القبور.
وجاءت جنازة أحد الفقراء من التكارنة، فلما طالبهم القبوري بالمبلغ، امتنعوا وتضاربوا وقصدوا إلى دار الحكومة بالحميدية، واغتنم السفهاء من الناس هذه الفرصة فانضموا إلى القوم وساروا من المقبرة إلى دار الحكومة وهم يصيحون باطل، باطل، أن تفرض الحكومة ضريبة على دفن الموتى مقدارها خمسة ريالات، وسارت جموع الناس محتجين إلى دار الوالي، وحينما سمع الوالي بالأمر نفى أن يكون قد أصدر أمرًا بذلك، ولكن الغوغاء أشاعوا الفتنة والاضطراب، وهجموا بالسلاح على دار الحكومة وعلى بعض المواقع العسكرية، وجرى إطلاق الرصاص فيما بين الصفا وباب الوداع بالمسجد الحرام، وقتل في هذه الموقعة بعض الأهلين وبعض العساكر، ولم تخمد الفتنة إلا بعد أن تدخل بعض الأشراف ووكيل الإمارة لإخمادها، وشارك في ذلك بعض أعيان مكة.
وقامت الحكومة بالقبض على أحمد القبوري، وعشرين من أعوانه، واتهم محمد علي بن عبد الواحد الذي كان كاتبا للشريف عون أولًا، ثم كاتبًا للشريف علي في مدة إمارته، اتهم