للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على خدمة أخيه وإيناسه في منفاه القصى، وكان هذا المنفى الاختياري مصدر خير وبركة للصبي الصغير إذ أتاح له فرصة التزود من العلم الذي كان يفتقر إليه والتي كانت مدارس الحجاز محرومة منه في ذلك العهد، إذ كان التعليم في مدارس الحجاز لا يتعدى المرحلة الابتدائية، فالتحق هناك بمدرسة السلطنة ليتم دراسته الثانوية وبعد إتمام دراسته الثانوية رغب في مزيد من العلم فاتجه بذهنه وقلبه إلى الطب فسافر من ازمير إلى دمشق والتحق بمعهد الطب هناك وفي هذا المعهد تعرف إلى كثير من زملائه الشباب العرب من العراق والشام ومصر وكانت حياته في المعهد حياة جادة وكانت إمكانياته قليلة محدودة وكان يعمل ليلا لدى أحد تجار دمشق ليستعين على دراسته نهارا بالكلية هناك، حدث عن نفسه فقال كانت لديّ بدلتان إحداهما ثقيلة للشتاء والأخرى خفيفة للصيف وكنت أسكن مع زملائي من طلاب الكلية في مسكن مشترك وكان طعامنا متواضعا كما كانت معيشتنا متواضعة، ولم يكن لنا من هدف سوى العلم والعلم وحده (١) وكان يعرف أن بلاده مفتقرة إلى الطب قبل كل شيء فكان أول طبيب من المدينة المنورة تخرج من معهد الطب في دمشق وأصبح جرَّاحا مناوبًا في المستشفى العام هناك وتخرَّج منه بامتياز، وبعد التخرج عاد إلى البلاد.

مَاضي الطبّ في الحِجَاز

وأود أن أذكر هنا شيئًا عن ماضي الطب في الحجاز في هذا العهد الذي سبق ظهور أول طبيب سعودي وعودته إلى بلاده، كانت مدينة جدة ليس فيها إلا المستشفى العام وفيه طبيب أو اثنان، وكان هناك مستشفى الكورنتينة - المحجر


(١) مجلة الشرقية العدد ٥٤ صفحة (٩٩) يناير ١٩٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>