للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغوري الأمير حسين الكردي، وجهز معه عسكرا من الترك والمغاربة، لدفع ضرر الفرنج في بحر الهند، وكان مبدأ ظهورهم، وأمره بدفع الفتن الواقعة إذ ذاك بجدة وجعلها له إقطاعا، فلما وصل الأمير المذكور إلى جدة بناه في هذه السنة وهو الموجود الآن، وكان ظلومًا غشومًا يسفك الدماء، ولا يرحم من في الأرض ليرحمه من في السماء، وكان ينصب أعوادًا للصلب والشنق والشنكلة، وأقام جلادين للقتل، والتشويط والضرب والبهدلة، فأى مسكين وقع في يده قتله بأدنى سبب، وكان أكولا يستوفي الخروف وحده، مع أرغفة عديدة، ونفائس له معدة، وكان أصله كرديًّا دخيلًا في وظائف الجراكسة، فأراد الغوري إبعاده وكان معتنيا به فأعطاه جدة، فلما أتى جدة سوَّرها وبنى أبراجها وأحكمها، وهدم كثيرًا من بيوت الناس مما يقارب موضع السور لوضع الأساس، واستخدم عامة الناس في حمل الحجر والطين، حتى التجار المعتبرين، وسائر المتسببين وضيّق على البنائين، بحيث يُحكى أن أحدهم تأخر قليلا عن المجئ، فلما جاء أمر أن يُبنى عليه حيا فبني عليه، واستمر قبره إلى يوم الجزاء، إلى غير ذلك من الظلم الشديد، والجور العنيد، وبنى السور جميعه في دون عام من شدته وغشمه وإقدامه وظلمه.

[طول سور جدة وأسماء الأبواب]

يقول الحضراوي: وكان طول أساس السور المذكور في الأرض اثنى عشر ذراعًا، وطول المحيط بالبلد من جهة القبلة واليمن والشام ثلاثة آلاف ذراع غير الأبراج، وهي ستة أبراج، دور كل برج منها ستة عشر ذراعًا بجدران وعرض جدار السور أربعة أذرع، وأما الأبراج فطول الشامي واليماني على وجه الأرض خمسة عشر ذراعًا، والبرجان القبليان الملاصقان

<<  <  ج: ص:  >  >>