للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مدرسة الباسطية]

ومنها بالجانب الشمالي منه مدرسة بدار العجلة على يمين الخارج من باب المسجد المعروف بباب العجلة، وتعرف الآن بمدرسة عبد الباسط أوقفها على أئمة مقام الحنفي … انتهى.

وذكر ابن فهد في حوادث سنة أربع وثلاثين وثمانمائة أن القاضي عبد الباسط اشترى الدار المذكورة وأمر - استاداره - ركن الدين عمر الشامي بأن يقيم بمكة المشرفة ويعمرها مدرسة، وكانت هذه الدار مدرسة للأمين ارغون الناصري، نائب السلطنة بمصر عن ابن مولاه الناصر محمد بن قلاوون، فاستولى عليها بعض الأشراف (أولاد راجح ابن أبي نمي) وباعوها في هذه السنة، وفي سنة خمس وثلاثين وثمانمائة ابتدئ في عمارتها، ولم تنقض هذه السنة إلا فرغ من عمارة أسفلها، وغالب علوها، فَدَرَّس بها في العشر الأول من ذي الحجة قاضي القضاة: جمال الدين أبو السعادات بن ظهيرة.

وفي سنة ست وثلاثين أكملت العمارة … انتهى (١).

أقول: يفهم من تاريخ هذه المدرسة أنها بنيت أولًا للأمين ارغون نائب السلطنة بمصر عن ابن مولاه الناصر محمد بن قلاوون، ثم باعها بعض أشراف مكة على القاضي عبد الباسط، فعمرها ما بين عامي ٨٣٤، ٨٣٦ هجرية، وقد تولى السلطان الناصر محمد بن قلاوون السلطنة في مصر ثلاث مرات كانت الأولى سنة ٦٩٣، والثانية سنة ٦٩٨، والثالثة سنة ٧٠٩ الموافقة للسنوات الميلادية ١٢٩٣، ١٢٩٨، ١٣٠٩، ويبدو أن شراء هذه المدرسة لابن السلطان الناصر محمد بن قلاوون كان في أواخر القرن السابع الهجري، أو أوائل القرن الثامن الهجري، كما يتضح من تاريخ ولايته الثلاث، ولم يوضح المؤلف كيف تسنى للأشراف الذين سماهم، بيع هذه المدرسة للقاضي عبد الباسط الذي أعاد بناءها بعد مائة وثلاثين سنة من تشييدها وإيقافها فقد اكتفى المؤلف بقوله استولى عليها أولاد الشريف راجح بن أبي نمي، ولعل انتهاء حكم سلاطين المماليك البحرية، وقد كان السلطان قلاوون وأولاده منهم في سنة ٧٨٣ للهجرة الموافقة لسنة ١٣٨١ للميلاد، واستيلاء سلاطين المماليك الجراكسة على الحكم في مصر.

أقول لعل ذلك من الأسباب التي أدَّت إلى الاستيلاء على المدرسة وبيعها مرة أخرى (٢).

[تهدم المدرسة الباسطية]

وقد ذكر الغازي عن هدم وقع بالمدرسة الباسطية وما آلت إليها فقال:

وفي إحدى عشر جمادي الثانية من سنة ست وثلاثين ومائة وألف تطبقت المدرسة الباسطية - تطبقت أي تهدمت - سقوفها على بعضها لتفجر بارود كان بها.


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٤٤١/ ٤٤٢.
(٢) انظر ما يتعلق بتولي السلطان الناصر بن قلاوون السلطنة في مصر وانتهاء حكم المماليك البحرية - كتاب الممايك للدكتور السيد الباز العريني ص ٢٦٧/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>