للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحوا من مائتي ألف دينار، ثم خرج إلى المدينة المنورة، فهرب منه نائبها علي بن الحسين بن علي بن إسماعيل، ثم رجع إسماعيل بن يوسف إلى مكة في رجب، فحصر أهلها حتى هلكوا جوعا وعطشا، فبيع الخبز ثلاث أواق بدرهم، واللحم الرطل بأربعة، ومشربة الماء بثلاثة دراهم ولقي منه أهل مكة كل بلاء، فترحَّل عنهم إلى جدة، بعد مقامه عليهم سبعة وخمسين يوما فانتهب أموال التجار هنالك، وأخذ المراكب، وقطع المسيرة عن أهل مكة، ثم عاد إلى مكة لا جزاه الله خيرًا عن المسلمين، فلما كان يوم عرفة، لم يمكِّن الناس من الوقوف نهارا ولا ليلا، وقتل من الحجيج ألفا ومائة، وسلبهم أموالهم، ولم يقف بعرفة عامئذ سواه، ومن معه من الحرامية، لا تقبَّل الله منهم صرفا ولا عدلا (١).

ويقول السيد أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام عن إسماعيل هذا ما يلي:

تغلب إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم على مكة فمانعه صاحب مكة جعفر بن الفضل وأخذ جعفر ما على المقام من الذهب، وكان وضعه المتوكل فضربه دنانير، وصرفه في قتاله، تغلب إسماعيل على مكة فهرب جعفر، واستولى إسماعيل على مكة ثم سار إلى المدينة فملكها ثم مات بالجدري سنة مائتين واثنين وخمسين (٢).

ويتضح من رواية السيد الدحلان أن أمير مكة جعفر بن الفضل حارب إسماعيل بن يوسف حينما هاجم مكة وخلع ما على مقام إبراهيم من الذهب، وسكَّه دنانير ليصرفها في حربه لإسماعيل إلا أن إسماعيل تغلب عليه فاضطر إلى ترك مكة له.

[سرقة ذهب المقام]

وذكر الشيخ/ سعد الدين الاسفرائيني في كتابة "زبدة الأعمال" أنه في سنة تسع وخمسين وسبعمائة في زمان القاضي شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد الدين الطبري سرق الذهب الذي كان عليه - على المقام - فعمل عليه الفضة (٣).

[موضع المقام]

ذكرت في الجزء الثاني من أعلام الحجاز أن الملك المسعود بنى قبة حديدية على مقام إبراهيم، وكانوا قبل بناء هذه القبة ينقلون حجر المقام إذا اشتد الزحام إلى داخل الكعبة أو أحد أركان المسجد وذكرنا كذلك أن هذه القبة أزيلت بكاملها توسعة للمطاف، ووضع حجر المقام في مكانه الحالي في مواجهة حجر إسماعيل داخل أناء بلَّوري شفاف يعلوه هلال من الذهب الخالص، وتم هذا في ١٨ رجب ١٣٨٧ للهجرة (٤).


(١) البداية والنهاية مجلد ١ ص ٥١٨
(٢) خلاصة الكلام ص ١٩
(٣) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٥١٨
(٤) أعلام الحجاز ج ٢ ص ٢٩ - ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>