[عمل وإنجاز]
كان الشيخ صالح قزاز يهب نفسه للعمل الذي يوكل إليه مدفوعًا بالرغبة في الإنجاز والإصلاح.
اختير مديرًا عامًا لأول مديرية للزراعة حين تأسيسها عام ١٣٦٨ للهجرة، وجاء هذا الاختيار ليجمع الرجل بين عمله في مديرية الحج العامة، ومديرية الزراعة، يقول معالي الأستاذ عبد الله الدباغ وزير الزراعة الأسبق الذي عمل مساعدًا للشيخ صالح قزاز في مديرية الزراعة في جدة حين تأسيسها ما يلي:
لم أر في حياتي رجلًا كالشيخ محمد صالح قزاز في نشاطه، ودأبه وحرصه على أداء واجبه وأكثر من واجبه في تفان وإخلاص.
لم يكن يعرف للراحة طعمًا، فنهاره كله عمل من حين أن يصبح إلى أن يمسي وحتى يأوي إلى فراشه.
كان يرحمه الله أول الحاضرين إلى مكتبه وآخر من يخرج منه إلى داره، وكانت داره مكتبًا آخر يمتد فيها العمل حتى ساعة متأخرة من الليل، والإجازة الأسبوعية كان يقضي معظمها في زيارات للمناطق الزراعية يتفقد أحوالها، ويبحث مشاكلها، ويحلُّ منها ما كان قادرًا على حله.
وكانت مسئوليته في أعمال الحج تتطلب منه الانتقال يوميًا بين مكة وجدة أكثر من مَرَّةٍ في اليوم الواحد أحيانًا، خصوصًا في موسم الحج حرصًا منه على قضاء مصالح الحجاج، وكنت أرافقه في بعض المرات، وعندما نكون سويًا في المقعد الخلفي للسيارة يطلب مني الانتقال إلى جانب السائق لينال هو قسطًا من الراحة بالاسترخاء بعض الوقت بعد عناء العمل ليلًا.
وكان بتوجيه من جلالة الملك عبد العزيز يرحمه الله ويأمر من معالي الشيخ عبد الله السليمان أول من أدخل مضخات الماء لتوزع على المزارعين في مختلف مناطق المملكة كوسيلة بديلة للطريقة التقليدية لرفع المياه من الآبار.
كما كان أول من فكَّر في إصلاح عدد من عيون المياه التي توقف جريانها في وادي فاطمة وغيره من الوديان، كما أوجد وحدات الخدمة الزراعية المجهزة بآلات التسوية والحراثة لإقامة العقوم وحراثة الأرض للمزارعين في مناطقهم واستورد في عهده الكثير من شتلات أشجار الفاكهة من مصر ولبنان وزعت على المزارعين بدون مقابل.
كل هذا بالرغم من ضآلة الميزانية السنوية لمديرية الزراعة في ذلك الوقت، والتي أذكر أنها لم تتجاوز اثنى عشر مليون ريال.
ويواصل الأستاذ عبد الله الدباغ حديثه فيقول:
أن أكثر ما شدني للشيخ محمد صالح قزاز هو إيمانه العميق، وعزوفه عن رغد العيش وميله إلى التقشف مع ما أنعم الله به عليه من وفرة في الرزق وكرم في العطاء.