للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السلطان عبد المجيد يطوق الحجر بالذهب]

ثم في سنة ألف ومائتين وثمانية وستين بعث السلطان عبد المجيد العثماني طوقا من ذهب صحبة الشريف عبد المطلب في ذي القعدة من ذلك العام، يقول الغازى وذلك الطوق بحسب التخمين نحو ألف دينار، ثم رُكِّبَ بعد أن أزيلت الفضة ومكتوب فوقه "بسم الله الرحمن الرحيم" ويقول الغازى نقلا عن الحضراوي في كتاب نزهة الفكر:

ولم يعلم أن الحجر الأسود قد طوق بالذهب قبل ذلك، ويصف الحضراوى طوق الفضة الذى كان مطوقا به الحجر بقوله: كان في غاية الإتقان من التنقيش ومكتوب حوله آية الكرسى، وبعض آيات قرآنية، ويقول كذلك أن طوق الفضة هذا أرسل إلى الاستانة بعد أن حل محله طوق الذهب الذى أرسله السلطان عبد المجيد.

ونقل عن الحضراوي أن وزن هذا الطوق الذهبى عشر اقات، ولعل الصحة أن وزنه عشر اوقيات أو أن ذلك خطأ من الناسخ لكتاب الحضراوى ويقول الحضراوى كذلك: واصل ذهب هذا الطوق من كنز وجد بمكة في شعب أجياد (١).

أقول: كان الشيخ/ أحمد الحضراوى من معاصرى هذه الفترة التي أرسل فيها السلطان عبد المجيد الطوق الذهبى للحجر الأسود فقد ولد الحضراوى سنة ١٢٥٢ هـ بالإسكندرية وهاجر مع والده إلى مكة وهو ابن سبع سنين، فروايته عن الطوق الذهبى الذى أرسله السلطان عبد المجيد هي رواية المشاهد المعاصر للحدث، ولكن ما لفت نظرى في رواية الحضراوى قوله: أن هذا الذهب اصله من كنز وجد في شعب أجياد بمكة المكرمة فهل أرسل هذا الكنز الذهبى إلى الاستانة وأمر السلطان عبد المجيد بصنع الطوق الذهبى منه؟ ويقول الحضراوى: أن السلطان عبد المجيد أرسل بميزاب للكعبة مصفحا بالذهب الخالص وهو بقية ذلك الذهب الذى وجد في شعب أجياد.

ومن المهم أن نذكر أن الشيخ/ الغازى يذكر الروايتين ولا يرجح بينهما ولا يعلق عليهما وذلك أسلوبه في إيراد الرويات التي يذكرها.

[تغيير الفضة المحاطة بالحجر الأسود في زمن السلطان رشاد]

وفي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف غُيِّرت الفضة المحاطة بالحجر الأسود، وذلك في خلافة السلطان محمد رشاد خان ابن السلطان عبد المجيد خان (٢).

أقول: نقلنا ما ذكره مؤرخو مكة عن إرسال طوق ذهبي من السلطان عبد المجيد للحجر الأسود في سنة ألف ومائتين وثمانية وستين، والخبر الذى ذكرناه آنفا يذكر أن السلطان محمد رشاد بن السلطان عبد المجيد غيَّر الفضة المحاطة بالحجر الأسود، فأين ذهب الطوق الذهبي الذي أرسله والده في عام ألف ومائتين وثمانية وستين؟


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٥٠٤/ ٥٠٥
(٢) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٥٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>