للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور فالمدرسة التي قامت على تبرع المحسنين تفتقر إلى مورد ثابت، وهي تكبر مع الأيام، لهذا فقد قام بإحداث هذا القسم الصناعي ليسدَّ به حاجة المدرسة لما تحتاج إليه من نقص في إيرادها، ولتخرج في نفس الوقت صناعًا يتقنون بعض المهن التي تحتاج إليها البلاد، وهذا في حد ذاته كسب للطلاب وللبلد الذي ينتمون إليه.

ويقوم فريق من المتخرجين من القسم الصناعي بإدارة مطبعة المدرسة وتسيير مطحنتها اللتان تساعدان على تنمية واردات المدرسة لمواجهة النفقات المستمرة في الاتساع (١).

نستطيع أن نقول بحق أن أحمد الفيض آبادي كان بما أحدثه في مدرسة العلوم الشرعية من الجمع بين علوم الدنيا والدين رائدًا من الرواد، كان رائدًا في ادخال التعليم المهني ضمن برامج مدرسته الرائدة، وقد أثبتت الأيام أن هذا القسم الصناعي أحدث أثره الطيب حينما نشبت الحرب العالمية الثانية، واحتاجت البلاد إلى انتاجه لتسيير الآلات التي كادت أن تتعطل عن العمل والدوران.

[المكائد تثور]

يتعرض المصلحون في كل زمان ومكان لمكائد الكائدين وحسد الحاسدين، وبقدر إخلاصهم وثباتهم يهئ الله تعالى لهم أسباب النجاح والظفر.

قامت المدرسة في رحاب المدينة المنورة، وانتظم فيها الطلاب وافتتح فيها القسم الصناعي وبدأت تؤتي أكلها الطيب، وأخذ الناس يشعرون بما تقدمه هذه المؤسسة بقسميها العلمي والصناعي من فائدة لسكان طيبة الطيبة، فأثار هذا النجاح حقد بعض الحاقدين الذين لا يخلو منهم مجتمع أو مكان.

رأوا أن تبرعات الأثرياء الهنود تأتي إلى مؤسس المدرسة فصوَّرت لهم نفوسهم الأمارة بالسوء أن ينسبوا إليه أنه اتخذ هذه المدرسة أداة لجمع المال، مع أن التبرعات لم تكن تكفي لمواجهة مصاريف المدرسة التي تتصاعد عامًا بعد عام.

أن المدرسة تبدأ صغيرة بفصل واحد ثم تزيد فصولها عامًا بعد عام.

ورأوا أن القسم الصناعي يُدر على المدرسة بعض المال لتغطية مصروفاتها فزاد ذلك من غيظهم ومكائدهم.

كان العهد هو عهد الحكومة الهاشمية، وكان الخلاف بين هذا العهد وبين المذهب الوهابي الذي تمثله دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذي يراه آل سعود معروفًا للكافة.

ومن هذه الثغرة دخل المغرضون فاتهموا المدرسة أنها تعلم طلبتها المذهب الوهابي يقول الدكتور محمد العيد الخطراوي:


(١) ٤٩/ ٥٠ أحمد الفيض آبادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>