للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكر أكثر منه شاعر عاطفة، كما أنه يذهب بنفسه كل مذهب فإذا كانت المرأة تملك مفاتن الجسم فإنه هو يملك مفاتن العقل وجرأة الرأي وليس هذا الإدلال بالنفس من الغزل في شيء وليس المحب من يذكر محاسنه وإنما الأديب هو الذي يدع هذه المحاسن تتحدث عن نفسها حتى يلمسها المحب فيتحدث عنها يقول العواد في قصيدة بعنوان:

الروض الضائع (١)

شاقني الروض فأنجذبت إليه … ساعة وانتجعت أطلب ظلا

نسبتنى زهوره والأفانين … التي حولها غدت تتدلى

وتذكرت من غدائرك السود … انسيابا يرى بهن وشكلا

وتذكرت من لواحظك الذبل … إرسالها إلى القلب نبلا (٢)

ومنها:

وتذكرت من قوامك ذاك … الهيف الرائع الميل المذلا

ومن الوجنتين ما يرسل الحمرة … من ذلك الشعاع المحلى

ومن المقلتين ما يخجل النرجس … فيه إذا بدا يتجلى

فهذا الوصف الحسي لم يخرج عمها وصف به المرأة قدامى الشعراء ولقد كان المنتظر من العواد الشاعر المجدد أن يكون في شعره الغزلى ذلك الوهج الذي يحس به القاري، لذع العاطفة وتوهجها ودفق الشعور في خفقات القلب والوجدان ولكن العواد على أي حال ينتهي في هذه القصيدة إلى نهاية شعرية جميلة فيقول:


(١) نحو كيان جديد.
(٢) نحو كيان جديد صفحة (٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>