للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المآذن التي كانت على المسجد الحرام وهدمت]

فقد ذكر الشيخ/ الغازي منائر أخرى ثلاث ذكرها مؤرخو مكة وأزيلت منها منارة تشبه الصومعة كانت على باب إبراهيم هدمها بعض أمراء مكة لإشرافها على داره، ذكر ذلك التقي الفاسي مؤرخ مكة في القرن التاسع الهجري.

ومنارة أخرى ذكرها ابن جبير كانت على باب الصفا، وهي أصغر المنائر، كما أنها كانت عَلَمًا لباب الصفا، وكانت ضيقة لا يستطاع الصعود إليها.

ومنارة ثالثة كانت على الميل الذي يهرول عنده الساعون بين الصفا والمروة، ذكر ذلك الفاكهي مؤرخ مكة في القرن الثالث الهجري.

يقول الشيخ/ الغازي ونقلًا عن الشيخ/ باسلامة: وهذه المنائر الثلاث كانت على المسجد الحرام ولا يعلم من بناها ولا متى هدمت (١).

ونختم الحديث عن المنائر ببعض ما كان يعمل فيها من وسائل لاعلام الناس بأمور تهمهم في أمور دينهم.

[قنديل يعلق على منارة لإعلان الناس بالإفطار والإمساك في رمضان]

يقول الغازي: وبعلو مكة شرفها الله تعالى منارة على مسجد يقال له مسجد الراية على يسار النازل من المعلاة، بقرب بئر جبيرين مطعم بن عدي بن نوفل، ويقال أن النبي صلى الله عليه وسلم ركن رايته يوم فتح مكة فيه، وهي منارة عتيقة ذهب رأسها، وكان لها دوران، ولا أعلم من بناها يؤذن فيها بعض أهل الخير في مغرب شهر رمضان، ويعلق فيها قنديلا لأعلام أهل ذلك المكان بدخول المغرب للافطار في رمضان، ويُسَحَّر عليها في الليل ويطفئ قنديلها بعد السحور، إعلامًا بدخول أول الفجر ليمتنع الصائمون عن الأكل والشرب وهو باقٍ إلى الآن (٢).

أقول لم يذكر لنا الشيخ/ الغازي مصدره في خبر هذا القنديل الذي يعلو لاعلان الناس بحلول غروب أيام رمضان، ودخول أذان الفجر، واستبعد أن يكون هذا القنديل كان في زمن الشيخ/ الغازي نفسه لأنه توفي عام ١٣٥٦ للهجرة أي في منتصف القرن الرابع عشر للهجرة وربما كان هذا الخبر منقولًا من رواية أحد مؤرخي مكة السابقين.

[هارون الرشيد يقيم المآذن في شعاب مكة وفجاجها]

وينقل الغازي عن التقي الفاسي مؤرخ مكة في القرن التاسع عشر، أن المنائر بمكة كانت كثيرة في الشعاب والمحلات، وكان المؤذنون يؤذنون عليها للصلوات، وكانت لهم أرزاق تُجْرى عليهم، وأول من جَدَّد تلك المنائر على رؤوس الجبال، وفي فجاج مكة وشعابها هارون الرشيد، وأجرى على المؤذنين الأرزاق.


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٦٥٦/ ٦٥٩.
(٢) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٦٥٩ - ٦٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>