للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرَج يسر

لم أعرف الرجل حتى أستطيع التعريف به، ولم أدرك زمانه، وإن كنت أدركت بعض آثاره، فدفعني هذا إلى تلمُّس أخباره، ولقد كان ما عرفت من أخباره لا يروي ظمأ الباحث المتشوق إلى تتبع آثاره الشخصية التي يرغب في تقديمها إلى الناس، ولكنَّ ما لا يدرك كله لا يترك جُلُّه، ولهذا فإنني أروي هذا القليل الذي استطعت جمعه من أخباره، على أمل أن أُضيف إليه ما قد يصل إليَّ من القراء الكرام، أو أجده في ثنايا الكتب التاريخية في مستقبل الأيام.

قالوا: كان فرج يُسر من رجالات مدينة جدة في القرن الثالث عشر، وربما يكون قد أدرك السنوات الأولى من القرن الرابع عشر الهجري، وكان يملك أسطولًا من السفن الشراعية، تقطع البحر الأحمر ثم تخوض لجج المحيط الهندي لتعود محمّلة بما تحتاج إليه من البلاد من مختلف البضائع التي تشمل المأكول والملبوس وما بين هذا وذاك من أصناف، وكان أسطول فرج يُسر من السفن عظيمًا، قالوا: إنه احتفل بزواج ابنه فأوقد المصابيح في مائة سفينة حشدها في ميناء جدة، فكانت مظاهرة بحرية لم تشهدها المدينة في تاريخها الطويل.

وسواء بلغ تعداد أسطول فرج يُسر هذا العدد أو يبلغ فإنه كان علمًا في مدينة جدة في زمانه، وكان عالي الهمة حسن التفكير.

كانت السفن الشراعية تمخر عباب البحر في أوقات معيَّنة من العام، تسافر من ميناء جدة تحمل صُرر الذهب إلى بيوت التصدير في الهند، ثم تعود محمَّلة بما يحتاجه الحجاز كله بل وغير الحجاز من أنواع

<<  <  ج: ص:  >  >>