البلد، ودارها - سار فيها - هو وقرابته النجبا بالقواسة (١٣٨) أمامه، وصار يخاطب كل أحد بقوله: يا فلان اجلس وابسط دكانك.
[خورشيد باشا يلجأ إلى بيت الشريف]
يقول الحضراوي: ثم تولى بعده أفندينا قاسم باشا القيصرلي متصرف على جدة ومكة والطائف، وكان متصرف قبل هذه النوبة على المدينة المنورة، ثم صرف عنها بولاية جدة فقط، ثم أُضيفت له ولاية مكة المشرفة، فدخلها على حين غفلة يوم الثلاثاء الثالث عشر من شوال سنة ١٢٨٨ هـ بموكب جميل وهو محرم متواضع، ابتدأ عند الدخول بالطواف والسعي بعمرة بعد صلاة العصر، وأما خورشيد باشا المتقدم فحين بلغه مجيء قاسم باشا خرج عن مدرسة الحكومة مهوولًا بخادم وراءه شايل بقشة له إلى بيت الخاسكية المقابل لها، وعليه آثار الحزن الخيف، فالتجأ إلى حمى الدار المذكورة، وهي لمولانا الشريف، فناداه لسان حال المتولي القادم:"إنما أنا قاسم" فضربت له المدافع تشريفًا، وكانت سبعة عشر مدفعا لقدر رتبته البهية، واستمر خورشيد باشا إلى أن أتى فرمان المتولي الجديد السلطاني بالتأييد الشاهاني، والعز الخاقاني.
أقول: بيت الخاسكية كان يقع على الصفا، أمام باب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقد أُزيل والبيوت التي حوله جميعها حينما تمت التوسعة السعودية للمسجد الحرام وتنظيم المسعى.
(١٣٨) القواسة النسبة فيها إلى حامل الأقواس: وهو اصطلاح يطلق على الجنود المرافقين لأمير مكة من الحرس.