ولكن الكتاب يخلو من الحوادث السياسية خلوا تاما، يخلو من ذكر الخلفاء الذين حكموا البلد الأمين والعهود السياسية المختلفة التي مرت عليه والحروب التي نشبت فيه وهو بهذا يفقد الصفة التاريخية التي يقوم عليها اسم الكتاب أو على الأقل يفقد جزءا هاما من هذه الصفة لخلوه من الحوادث السياسية التي تتعلق بمكة المكرمة موضوع الكتاب.
[عذر ساذج]
ولقد أدرك المؤلف خلو كتابه من هذه الحوادث فاعتذر عن ذلك اعتذارا ساذجا إذا صح هذا التعبير فلقد جاء في الجزء الأول من كتابه في خطبة الكتاب بالحرف الواحد: -
(والسبب الذى من أجله تركت ذكر حوادث الحروب بمكة هو أن ذلك يعرضنى إلى ذكر مساوئ من سبقنى بالإيمان من أموات المسلمين وهم قد قدموا إلى ما عملوا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم، وأيضا لابد إذا ذكرت ما وقع بين فلان وفلان أقع في غيبتهم والغيبة حرام للأحياء والأموات، قال الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا، ثم إن ذكر الحروب من اختصاص المؤرخين السياسيين وأنا لا أعرف في السياسة شيئا منذ الصغر فالحمد الذى عافانى منها لاشتغل بما هو أنفع وأصلح لمثلي، ففي الصحيحين، كل ميسر لما خلق له وللتين قوم وللجميز أقوام فالسياسة مطلوبة بل واجبة لكن على طبقة خاصة هي طبقة الملوك والوزراء والأمراء الذين بيدهم الحل والعقد انتهى مكتبه المؤلف بنصه (١).
(١) راجع صفحة ١٢ و ١٣ الجزء الأول من التاريخ القويم.