للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقداره واحد وعشرون ريالًا في الشهر، وهكذا ترك المدرسة وهو في السادسة عشر من العمر ليدخل في سلك الوظائف والموظفين.

كانت الحياة رخيصة وتكاليفها هينة، وكان المرتب الصغير مفيدًا للأسرة وعونًا لها على تكاليف الحياة، وخلال ستة أعوام تدرج كاتب الوفيات في المحكمة الشرعية الكبرى إلى كاتب ضبط أول، ثم إلى كاتب ضبط ثان، ثم أصبح مساعدًا لرئيس كتاب المحكمة الكبرى، وتدرَّج الراتب حتى وصل إلى ستين ريالًا في الشهر.

وكان الكاتب الشاب موضع ثقة رؤسائه من القضاة فقربوه إليهم، وأولوه اهتمامهم وكان بحكم عمله في كتابة ما يدور في الجلسات بين المتخاصمين، وما يوجهه القضاة من أسئلة، وما يعلقون عليه من إجابات يحيط بسير القضايا في المحكمة.

يقول صالح جمال عن القضاة الذين عمل معهم:

وقد اختصني منهم بالتعليم السيد/ محضار عقيل الذي كان إذا استوت القضية وآن أوان الحكم يمتحنني سائلًا: ما هو الحكم الآن … ؟

وكان الشيخ محمد زكي البرزنجي هو الآخر يطلعني على النص في كتاب الكشَّاف أو المنتهى وهما الكتابان المعتمدان للحكم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل في المحاكم.

يقول صالح جمال: وهذا ما أهَّلني بعد ذلك أن أشير إلى مستند الحكم من النصوص حينما كنت أُعد صحيفة الحكم.

يقول صالح جمال: وهو ما لم يسبقني إليه أحد من كُتَّاب المحكمة في ذلك الزمان، ولا تزال تلك الصكوك مسجلة بسجلات المحكمة الكبرى في أوائل الستينات وموقعة بختمي الذي أحتفظ به إلى الآن (١).

هذه الوظيفة التي قام بأعبائها صالح جمال أكسبته ثقافة لم يكن ليحصل عليها لو لم يتقلد هذه الوظيفة، ولو لم يكن هو شخصيا مستعدًا استعدادًا نفسيًا للتعلم والتدريب، وقد بقي يعمل في المحكمة الكبرى عشر سنوات انتقل بعدها في سنة ١٣٦٥ هـ للعمل في الأمن العام مديرًا للمستودعات، فأتيحت له الفرصة لأن يضيف إلى عمله الوظيفي عملًا آخر سيكون له أثر كبير في تكوين شخصيته في قابل الأيام.

[مكتبة الثقافة]

كان العمل في الأمن العام ينتهي بانتهاء صلاة الظهر، ووجد الشاب صالح جمال نفسه خاليًا بعد ذلك فعمل أولًا وكيلا للأستاذ/ محمد حسين الأصفهاني موزع الصحف المصرية في جدة، عمل صالح جمال وكيلا له في توزيع هذه الصحف في مكة المكرمة، ثم تطورت


(١) مذكرات صالح جمال ص ٧/ ٨ مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>