للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخوضونها، ولم يكن مع هذا الترفع محتجبًا عن دنيا الفكر، فلقد كان يقرأ الكتب ويختار منها ما يكتب عنه، وأمامي كتابه من حديث الكتب، وقد صدر في ثلاثة أجزاء تتحدث عن تسعة وستين كتابًا من أهم الكتب التي صدرت في العالم العربي أو ترجمت عن لغات عالمية أخرى، فلم يكن الرجل يعيش في صومعته، وإنما كان يعيش في دنيا الفكر، يقرأ، ويكتب عما يقرأ ولكنه يؤثر أن يكتب المعجب والمفيد.

ولا نستطيع الإسهاب في مؤلفات محمد سعيد العامودي، ولكني أتحدث عن بعض هذه الكتب في محاولة لإكمال الصورة أو تقريبها أمام القراء.

[المختصر من كتاب نشر النور والزهر]

كتاب نشر النور والزهر ألفه القاضي والعالم المكي الشيخ عبد الله مرداد أبو الخير وهو يضم تراجم - أفاضل مكة - كما وصفه مؤلفه من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر الهجري وكان الكتاب مخطوطًا، وقد ذكر الأستاذ/ العامودي في التعريف به ما يغني عن تكرار ذلك هنا.

هذا الكتاب توفَّر الأستاذ/ محمد سعيد العامودي ومعه الأستاذ/ أحمد علي على اختصاره وترتيبه والتعليق عليه ونشره.

أنه يتحدث عن علماء البلد الحرام وأدبائه على مدى خمسمائة عام، فهو من أهم الكتب من الناحية التاريخية، ولعله من أوفى ما كتب في تراجم علماء مكة وأدبائها بعد كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، للفاسي المتوفي سنة ٨٣٢ هجرية، والذي ترجم فيه لنحو ثمانمائة عالم من علماء مكة وعالماتها والذي قام بنشره معالي الشيخ محمد سرور الصبان في سنة ١٣٧٩ هجرية.

وإذا كان الفاسي قد توفي في الثلث الأول من القرن التاسع الهجري، فإن كتاب الشيخ/ عبد الله مرداد الذي يترجم لأفاضل مكة علماء وأدباء من القرن العاشر الهجري يعتبر امتدادًا لهذه التراجم لعلماء وأدباء البلد الحرام عبر التاريخ.

يضم كتاب نشر النور والزهر تراجم لستمائة عالم وأديب، كما يضم تراجم لبعض النساء اللاتي بلغن درجة من العلم سمحت لهنَّ بإلقاء الدروس وتعليم التلاميذ من الرجال والنساء، ولعل هذا الأمر يكشف لنا جانبًا مجهولًا عن النشاط العلمي للمرأة في البلد الحرام في القرون الماضية، ويبين لنا كيف أن أنوثة المرأة لم تقف حائلًا بينها وبين أن تطلب العلم حتى تنال منه ما يؤهلها لأن تجلس مجلس المعلم للناس.

كما يوضح للمتأمل أن الحياة العلمية في مكة المكرمة كانت تتسم بالنشاط العلمي عبر هذه القرون التي غابت أخبارها عنا، فلم يكن تصورنا عنها واضحًا، ولا صحيحًا، والمرء عدو ما يجهل.

وقد استعان الشيخ المرداد بمن سبقه من المؤرخين في التراجم التي أوردها وأشار إلى ذلك، فبين المصادر التي استقى منها المعلومات التي أوردها عن المترجم لهم، وناقش في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>