ولست في حاجة لأن أذكر للقارئ أسماء الأدباء الذين استمر عطاؤهم إلى أن فارقوا الحياة الدنيا، والأدباء الذين أخذتهم مشاغل الحياة اليومية عن الكتابة والأدب فإن ذلك كله معروف لمن يتابع الحياة الأدبية في هذه البلاد.
هناك الجيل الثاني الذي ظهر بعد جيل الرواد، ومن أبرز أسمائه: أحمد قنديل ومحمد حسين كتبي، ومحمد حسن فقي وحمزة شحاتة وعزيز ضياء، ومحمد عمر توفيق، وضياء الدين رجب، ومحمد حسين زيدان، وعبد القدوس الأنصاري، وطاهر زمخشري واعتذر عن استقصاء الأسماء فليس هذا مجاله، وإنما القصد هو تصحيح مفهوم شاع بين الناس وإعطائه الملامح الحقيقية إنصافًا للجيل الأول من الرواد، والذين نتحدث اليوم عن آخر فارس منهم، ولمن أراد المزيد من هذا البحث أن يرجع إلى الموسوعات الأدبية التي تؤرخ للأدباء السعوديين مثل أدب الحجاز، ووحي الصحراء - الموسوعة الأدبية لعبد السلام الساسي وغيرهم، وأن يرجع كذلك إلى الصحف والمجلات التي صدرت في تلك الأزمان.
نعود بعد هذا الاستطراد إلى الأستاذ/ محمد سعيد العامودي يرحمه الله فهو البقية الباقية من جيل الرواد الأوائل بحق، والذي استمر في العطاء إلى آخر أيام حياته، وقد امتد به العمر حتى تجاوز الثمانين من العمر يرحمه الله.
يمتاز الأستاذ/ محمد سعيد العامودي بالإخلاص والتفاني في عمله الأدبي لا ابتغاء مصلحة أو شهرة فقد كان أبعد ما يكون عنهما.
حدثني الأستاذ/ علي مختار وكيل وزارة الحج أن الأستاذ/ محمد سعيد العامودي كان يقوم بإصدار مجلة الحج، وكان هو الذي يتولى كل شيء في المجلة من رئاسة التحرير إلى جمع المقالات وترتيب الأعداد والإشراف على الطبع والتوزيع وكان كلما يتقاضاه من وزارة الحج ثلاثمائة ريال لمجلة شهرية من الألف إلى الياء، استمر محمد سعيد العامودي يقوم بأعبائها ثلاثة وعشرين عام فأي إنكار للذات؟ وأي ترفع عن طلب الدنياب وأسبابها؟
مجلة الحج مجلة تصدرها الدولة، وكان بوصفه رئيسًا لتحريرها يستطيع أن يستخلص لها ميزانية شهرية إن لم تصل إلى عشرات الألوف فإنها حتمًا تصل إلى الألوف.
ولكن محمد سعيد العامودي لم يكن يمارس إصدار المجلة لغرض مادي، وإنما كان يمارس عمله إرضاءًا لمطامحه الفكرية والأدبية، فقد كان يعيش وأسرته على المرتب الذي يتقاضاه من عمله الحكومي في إدارة البرق والبريد العامة، وفي مجلس الشورى، وكانت مجلة الحج بالنسبة له واجبًا أدبيًا يؤديه في رضا واغتباط.
ومع مجلة الحج تولي رئاسة تحرير مجلة رابطة العالم الإسلامي، واستمر في مجلة الرابطة إلى نهاية عام ١٣٩٨ بعد أن علت به السن، وأقعدته الشيخوخة، هناك ميزة أخرى لمحمد سعيد العامودي هي البعد عن المهاترات كان الرجل كريمًا ينأى بنفسه عن الضجيج فلم يعرف عنه أنه شارك بقلمه في معركة من المعارك الأدبية التي كان بعض أدباء الجيل