وبدأ محمد علي زينل مدرسته في مقعد بأحد المنازل بمدينة جدة، ثم تبرعت زوجته بمجوهراتها وحليها ليشتري المبنى الذي حوله إلى مدرسة الفلاح بجدة، وهاجر إلى الهند ليعمل بالتجارة حيث يتوفر له المال للصرف على المدرسة ففتح الله له أبواب الرزق، وعمل في تجارة اللؤلؤ حتى أصبح ملك اللؤلؤ في العالم، ثم ظهر اللؤلؤ الصناعي وانهارت أسعار اللؤلؤ الأصلي، ولكن مدارس الفلاح بقيت، فقد حلَّت الأمة كلها محل الرجل الذي أنفق على مدارس الفلاح طيلة أربعين عامًا.
واقترض أحمد الفيض آبادي من أخيه ومن أحد تجار مكة قيمة الأرض التي بنى بها مدرسته بجوار المسجد النبوي الشريف وبدأت المدرسة صغيرة حتى أصبحت صرحًا شامخًا بمبناها الإسلامي الطراز.
وهكذا بارك الله في أعمال الرجال الثلاثة الذين وهبوا حياتهم للعلم فتخرج من مدارسهم الأجيال الذين أمسكوا زمام الأمور في البلاد، فكان منهم العلماء والوزراء، والقضاة والمدرسون والكُتَّاب، والذين عملوا في مختلف مجالات الحياة فأفادوا واستفادوا رحمهم الله تعالى وجزاهم أفضل ما يجزي به عباده العاملين والمصلحين.
[وفاة السيد أحمد الفيض آبادي]
توفي السيد أحمد الفيض آبادي عصر يوم العاشر من شوال سنة ١٣٥٨ للهجرة عن عمر يناهز الخمسة والستين سنة، وكان قد أصيب بالمرض منذ وقت مضى ولكنه لم يلزم سريره إلا بعد اشتداد المرض عليه، وكان يشكو من ضغط الدم (١).
توفي بعد أن قرت عينه بنجاح المشروع العظيم الذي كرَّس حياته له فمدرسة العلوم الشرعية التي بدأت صغيرة صارت صرحًا شامخًا يبلغ تعداد طلابها الستمائة والمتخرجون منها يشاركون في الحياة العامة عاملين في مختلف المجالات، والمبنى الصغير تحول إلى عمارة ضخمة على الطراز الأندلسي بجوار المسجد النبوي الشريف، تستوقف الأنظار بجمالها ومتانتها.
والقسم الصناعي فيها تطور وكبر وعظمت منافعه في البلد الطيب المقدس.
[حبيب أحمد يخلف عمه]
أحسَّ السيد أحمد الفيض آبادي قبل أن يدركه المرض بضرورة وجود من يخلفه على رعاية المدرسة بعد وفاته، والموت حق على العباد وكان الشاب حبيب أحمد بن أخيه السيد محمود أحمد طالبًا من طلاب مدرسة العلوم الشرعية، ظهرت بوادر نجابته منذ أن كان ناشئًا، فحفظ