للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معرفتي بالشيخ صالح قزاز]

عرفت الشيخ صالح قزاز وأخاه الشيخ أحمد يرحمهما الله في النصف الثاني من القرن الماضي. فقد كنت أعمل سكرتيرًا لمعالي الشيخ محمد سرور الصبان يرحمه الله، وتوجه إلى الطائف في أوائل صيف سنة ١٣٥٦ للهجرة، ونزل وأنا بمعيته في بيت القزاز بالطائف، وكان الشيخ أحمد وأخوه الشيخ صالح يسكنون في منزل بجوار باب الريع، وكان منزلهما دار ضيافة للقادمين من أعيان المكيين، ولم تكن الفنادق إذ ذاك قد عرفت في الحجاز، وإنما كان الناس ينزلون على بيوت أقربائهم ومعارفهم، وكانت كل الدور معدة لاستقبال الضيوف القادمين إليها والذين يلقون كل ترحيب وإكرام.

رأيت الشيخ صالح وكان في كمال رجولته مشرق الوجه، دائم الترحيب بالناس، وكان جهوري الصوت، يجيد ترتيل القرآن الكريم، فكان الشيخ محمد سرور الصبان يقدمه لإمامة الناس بالصلاة في منزله حينما يفد لزيارته قبل الغروب.

وحينما أسندت إليه مديرية الزراعة في جدة سنة ١٣٦٦ ازدادت صلتي به وثوقًا. كانت مديرية الزراعة قد بدأت في إدخال رافعات المياه وتوزيعها على المزارعين، وكانت تشجع المزارعين بإعطائهم الآلات بقروض ميسرة تتحمل مديرية الزراعة جزءًا منها، وتقسط باقي القيمة على المزارعين أقساطًا سهلة.

وسافرت إلى أمريكا سنة ١٩٤٨ للميلاد، واتصلت بإحدى الشركات التي تصنع طلمبات الماء، وتأكدت من جودتها فاستوردت ثلاث رافعات ذات مقاسات مختلفة لتقديمها لمديرية الزراعة لتجربتها توطئة لاستيرادها بكميات تجارية.

وحينما وصلت الرافعات ذهبت لمقابلة الشيخ صالح قزاز يرحمه الله وقلت له إنكم تشترون الرافعات من شركة بكتل وتتحملون جزءًا من القيمة مساعدة للمزارعين، وأنا على استعداد لأن أقدم لكم الرافعات بالأسعار التي تباع على المزارعين، ولا تتحملون الفروق التي كنتم تتحملونها، ولكني أريد أولًا أن تجربوا هذه الآلات فإذا تأكدتم من جودتها عملت على استيرادها، وأمر الشيخ صالح قزاز باستلام المكائن الثلاث التي استوردتها وبعد فترة اتصل بي تليفونيا وقال:

ما هو العدد الذي لديك من الطلمبات اثنين بوصة … ؟

قلت: إن ما لديَّ قدمته لك وأنا في انتظار نتائج التجربة.

قال: المكائن جيدة ونحن على استعداد لشرائها فاعمل على توريدها.

واستوردت الدفعة الأولى ثلاثين مكينة وطلمبة وقبل إخراجها من الجمارك اتصل بي يرحمه الله تليفونيًا وقال:

لقد حَوَّلْت عليك مزارعين من الطائف بثلاثين مكينة، ومع كل واحد منهم أمرًا بالتحويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>