للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمحمود أحمد مكرمة صنعها وأخفاها عن الناس ويأبى الله تعالى إلا أن يظهرها فالعمل الطيب كالعطر الزكي الرائحة لابد أن ينِمُّ عن نفسه، فتظهر آثاره ويشتمُّه الناس عطرًا شذيا.

في عام ١٣٦٩ كان السيد محمود أحمد يتولى رئاسة مجلس الأوقاف في المدينة ورأى أن المكائن الكهربائية التي تضيء المسجد النبوي الشريف في حاجة إلى تقوية فاستأذن الملك عبد العزيز يرحمه الله أن يسمح له باستيراد مكينة كهرباء لتقوية الإضاءة، وبعد حصوله على الإذن الملكي استورد على حسابه مكينة كهربائية بقوة مائتي كيلووات، مع كافة مستلزماتها من تمديدات وكوابل، واستورد معها مائتي مروحة هوائية ومصابيح الفلوراسنت، وتم تركيب هذه المكنة، كما ثم تركيب المراوح والمصابيح الفلوراسنت لتقوية الإضاءة بالمسجد النبوي الشريف.

وقد أخبرني من أثق بروايته أن السيد محمود أحمد كتم هذا العمل عن الناس فلم يعلن عنه في الصحف، ولم ينشر خبره بين الناس، وإنما بقي مكتومًا في دائرة ضيقة بين السيد محمود وموظفي الأوقاف الذين تسلموا المكينة الكهربائية والمراوح والمصابيح عمل هذا ابتغاء مرضات الله تعالى، ورغبة فيما عنده، وتعبيرًا عن حبه العظيم للرسول صلوات الله وسلامه عليه وتعلقًا بمسجده الشريف، وقد رأيت بهذه المناسبة أن نستكمل الحديث عن إضاءة المسجد النبوي الشريف بالكهرباء فأقول:

[إضاءة المسجد النبوي بالكهرباء]

في الجزء الثاني من أعلام الحجاز ذكرت عن إنارة المسجد النبوي الشريف بالكهرباء ما يلي:

كانت الإضاءة في المسجد النبوي تعتمد على قناديل الزيت التي لا تزال بقاياها معلقة في العوارض الحديدية بين أعمدة المسجد، كما كانت الشموع توقد في المسجد للإضاءة إلى جانب القناديل.

وأول من أضاء المسجد النبوي الشريف بالكهرباء هو السلطان عبد المجيد الثاني العثماني الذي بعث مكينة كهربائية لإضاءة المسجد، وكان بدء الإنارة فيه بالكهرباء يوم ٢٥ شعبان ١٣٢٦ للهجرة، وهو يوم الاحتفال بافتتاح سكة حديد الحجاز بالمدينة المنورة (١).

ويقول السيد حبيب محمود أحمد رئيس مجلس الأوقاف الأعلى بالمدينة المنورة عن هذه المكينة أنها كانت من مصنع رستن الإنجليزية وأنها كانت تدار بغاز الفحم، وقد وردت هذه المكينة مع كافة اللوازم للإضاءة، وأنه ثم بناء محطة توليد الكهرباء شمال المسجد الشريف في المنطقة المعروفة بدار الضيافة، وبعد إكمال التمديدات والتجهيزات أضيء المسجد النبوي


(١) أعلام الحجاز ٢ ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>