للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوافدين إليه لزيارة المسجد النبوي الشريف، والسلام على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

وكانت الزراعة في المدينة المنورة تعتمد على الوسائل القديمة في ري المزروعات حيث تستخدم الحيوانات في سحب المياه من الأبار لري الزرع، وشاهد الشاب السيد محمود ذلك، ولكنه كان إلى جانب عمله في المحاكم الشرعية وفي دوائر القضاة متفتح الذهن راغبًا في إدخال التطوير المفيد، وكان قد تعلم اللغة الإنجليزية وكاتب بعض المصانع في انجلترا بحكم عمله التجاري الذي بدأه فقام باستيراد طلبات سحب المياه المزودة بمكائن رستن، وجرى تركيب أولى المكائن في المدينة المنورة فأحدث هذا العمل ثورة في طرق الري التي كانت مستخدمة، واتجه القادرون من أصحاب البساتين والزراع إلى استخدام هذه الآلات في ري مزارعهم، فكانت نقلة عظيمة في الري، استخدمت فيها الآلة بدلا من الحيوان.

وكان السيد محمود أحمد هو رائد هذا العمل العظيم في المدينة المنورة.

ولم يكتف محموذ أحمد بهذا، ولكنه وقد رأى ما تفعله الآلة استورد أول آلة لطحن الحبوب، بعد أن كانت المطاحن تدار كذلك بالحيوانات فحلَّت الآلة محلها، وكان هذا تطورًا آخر أدخله محمود أحمد على حياة المدينة المنورة.

والصيف في المدينة المنورة شديد الحرارة تصل الحرارة فيه إلى أعلى الدرجات فتتجاوز الأربعين درجة في الظهر والأصيل، وهي في أشد الحاجة إلى الوسائل التي تخفف هذه الحرارة على الناس، واستورد السيد محمود أحمد أول مصنع للثلج في المدينة المنورة، فكان بحق رائدًا من الرواد أدخل الآلات في حياة الناس فاستغنوا بها عن استعمال الحيوانات، وأدخل الرفاهية الضرورية بإيجاد الثلج ميسورا في المدينة المنورة يقبل الناس على شرائه واستعماله لمقاومة الحرارة الشديدة في الصيف.

قد يقول البعض، ولكنه بإدخاله هذه الآلات في المدينة المنورة ربح ربحًا عظيمًا وجوابي على ذلك، أن الربح حلال طيب، وان هذا لا يطعن في ريادته في هذا المجال.

وقد يتمحك المتمحكون وما أكثرهم فيقولون أنه احتكر استيراد هذه الآلات وتحكم في أسعارها.

وجوابي على هذا أن المصانع التي تنتج الآلات سواء لتوليد الكهرباء أو لرفع المياه أو لإدارة المطاحن، أو لصنع الثلوج تعد بالمئات أن لم تكن بالآلاف فلماذا لم يتقدم غيره للبحث عن هذه المصانع ويستورد منها كما استورد محمود أحمد ويثري كما أثرى؟

وهنا يظهر الفارق بين العامل المُجِد، وغيره من الناس.

وبعد هذه المقدمة التي رأيتها ضرورية بين يدي البحث أصل إلى السبب الأعظم الذي دفعني للكتابة عن محمود أحمد ووضعه بين أعلام الرجال الذين أكتب عنهم وأترجم لهم في هذا الكتاب وما سبقه من أجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>