[الحالة السياسية في الحجاز في القرن الثاني عشر للهجرة]
أوردنا نتفًا مما ورد في كتب المؤرخين عن الحالة في بلاد ينبع، ونقدم للقاريء صورة من الأحوال السياسية العامة في الحجاز في هذا القرن.
كان الحجاز تحت حكم الدولة العثمانية، وكان مرتبطًا إداريًّا بمصر التي كانت تتبع الدولة العثمانية كذلك، وكان الحكم مزدوجا فهناك الوالي التركي الذي تعينه السلطنة أو يعينه والي مصر وإقامته غالبًا كانت في جدة، وإلى جانب الوالي التركي شريف مكة الذي يتولى أمور الحكم الداخلي وشئون البادية وما إليها، وكانت الشئون المالية تحت إمرة الوالي التركى، وكان لشريف مكة نصيب من واردات الجمارك، وكان لشريف مكة وزير في جدة لاستلام هذا النصيب وإرساله إلى شريف مكة، وكان التنافس بين الوالي التركي وشريف مكة على السلطة ينعكس على أمور البلاد وأحوالها .. وكان هناك تنافس أشد بين الأشراف على إمارة مكة، وكان لهذا التنافس مظاهر شتى، يستعين فيها المتنافسون بولاة الأمر في مصر أو حتى في استانبول، ويبذلون الأموال والهدايا والألطاف لتحقيق مآربهم، والانتصار على منافسيهم، وكان هذا التنافس يتخذ في كثير من الأحيان مظاهر حربية عنيفة يُجرَّد فيها السلاح ويحارب البعض البعض الآخر، وكان هذا كله ينعكس على حالة البلاد ومرافقها فيصيب الناس والحجاج من هذه الأحداث الكثير من المعاناة، وننقل هنا من كتاب "أمراء البلد الحرام" صورة مصغرة لحادثة واحدة تصور لنا الحالة السياسية أصدق تصوير.