للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونذكر هنا المراحل التاريخية التي تمت في هذا الموضوع نقلا عن إفادة الأنام ونوجز ذلك فيما يلى:

ذكر ابن جبير في أخبار رحلته إلى مكة أن حجر المقام لم يكن ثابتا في مكانه، وأنه كان يوضع في موضعه المواجه لحجر إسماعيل، ويرفع إذا اشتد الزحام فيجعل حينا في الكعبة المشرفة في البيت الذي فيه الدرجة التي يصعد منها إلى السطح - سطح الكعبة - وإذا وضع في موضعه وضع في قبة من خشب فإذا كان الموسم قلعت قبة الخشب، وجعلت عليه قبة من حديد، ذكر ابن جبير ذلك في شهر رجب من سنة تسع وسبعين وخمسمائة وهو يصف اعتمار مكثر بن عيسى بن فليتة أمير مكة حيث قال:

فلما فرغ من الطواف صلَّى عند الملتزم، ثم جاء إلى المقام وصلى خلفه، وقد أخرج له من الكعبة ووضع في قبته الخشب التي يصلي خلفها، فلما فرغ من صلاته، رفعت له القبة عن المقام فاستلمه وتمسح، ثم أعيدت القبة عليه.

أما القبة الحديدية التي صنعها الملك المسعود للمقام فأغلب الظن أن ذلك تم في أوائل القرن السابع الهجري ما بين عامي ٦١٩ - ٦٢٦ للهجرة، حيث كان للملك المسعود هذا أحداث في مكة سنذكرها بعد.

وقد وصف الفاسي في شفاء الغرام القبة التي وضع فيها المقام فقال:

أما صفة الموضع المشار إليه فإنه الآن قبة عالية من خشب ثابتة قائمة على أربعة أعمدة دقاق حجارة منحوتة بينها أربعة شبابيك من حديد من الجهات الأربعة، ويدخل إلى المقام من الجهة الشرقية، والقبة مما يلى المقام مزخرفة بالذهب، ومما يلى السماء مبيضة بالنورة، وأما موضع المصلَّى الآن فإنه ساباط مزخرف على أربعة أعمدة منها عمودان عليهما القبة، وهو متصل بها، وهو مما يلى الأرض منقوش مزخرف بالذهب ومبيض، ومما يلى السماء مبيض منور، وأحدث وقت صنع فيه ذلك في شهر رجب سنة ستة عشر وثمانمائة، واسم الملك الناصر فرج صاحب الديار المصرية والشامية مكتوب فيه بسبب هذه العمارة، واسم الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحي صاحب مصر مكتوب في الشباك الشرقي في هذا الموضع بسبب عمارة له في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، والمقام بين الشبابيك الأربعة الحديدية في قبة من حديد ثابت في الأرض، والقبة التي عليها ثابتة أيضا في الأرض بجصاص مصبوب، بحيث لا يستطاع قلع القبة الحديد التي فوقه إلا بالمعاول وشبهها، ولعل هذه القبة الحديدية التي في جوفها المقام الآن، هي القبة الحديد التي كانت توضع عليه عند قدوم الحاج إلى مكة لكونها أحمل للازدحام والاستلام على ما ذكره ابن جبير.

يقول الغازى: وما عرفت من جعل المقام ثابتا على صفته التي هو عليها الآن (١).


(١) إفادة الأنام مجلد ١ ص ٥١٨ - ٥٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>