اجتاز الشاب محمد المغيربي الاختبار النهائي للمدرسة الإعدادية العثمانية بالمدينة المنورة بتفوق ملحوظ فكان من أوائل المبتعثين في ذلك العهد لتلقي تعليمه العالي في كلية صلاح الدين الأيوبي بالقدس، وكانت هذه الكلية قد افتتحت بالقدس استعاضة عن الكلية الإسلامية التي تقرر إنشاؤها في المدينة المنورة في العهد العثماني، ويبدو أن ظروف ذلك الزمان حالت دون إنشاء هذه الكلية في المدينة فاستعيض عنها بكلية صلاح الدين الأيوبي في القدس.
كانت مطامح الشاب محمد المغيربي كبيرة، وكان حلمه الأكبر أن يتعلم الطب، ولما لم يكن في كلية صلاح الدين الأيوبي بالقدس ما يحقق هذه الآمال فقد انتقل إلى الجامعة الأمريكية في بيروت، وكانت الحرب العالمية الأولى قد ألقت بظلالها على العالم، وكانت التوقعات بدخول أمريكا الحرب إلى جانب الحلفاء، وضد ألمانيا التي وقفت الدولة العثمانية في صفِّها، كانت هذه التوقعات ذات أثر كبير في تغيير مجرى دراسة المغيربي فتحول من الجامعة الأمريكية في بيروت إلى الجامعة الأمريكية في روملي حصار اسطنبول، وتحوَّل كذلك من دراسة الطب إلى دراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، وحصل على البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد قبل دخول أمريكا الحرب العالمية الأولى بأيام قلائل.
كانت الحرب العالمية الأولى قد اشتد أوارها، وثار الشريف الحسين بن علي ملك الحجاز على الأتراك وزحفت جيوشه بقيادة أبنائه تفتح مدن الحجاز الواحدة بعد الأخرى، وكان القائد التركي في المدينة فخري باشا مصرًّا على القتال، وكانت سكة حديد الحجاز قد خصصتها الدولة التركية لنقل المؤن والذخائر والجند فلا مكان فيها