في المدينة المنورة، كان يسكن بجورا آل المغيربي، وتوثقت العلاقة البريئة بين الصغيرين، صداقة خالصة تضمخها أطيب الذكريات.
وتكرّ الأيام، ويعود الأمير سعود ليتسلَّم عرش آبائه في حائل بعد أن تغلَّب أخواله على منافسيهم، ثم تجمع الأيام بين الرجلين وهما في مطلع الرجولة والشباب.
طلب الأمير سعود من محمد المغيربي أن يعمل معه في حائل، فقد كان في حاجة إلى شاب في مثل كفاءته وأمانته وعلمه .. اعتذر المغيربي بأنه عائد إلى أبيه في المدينة بعد غيبة طويلة، وأنه لابد من موافقة الوالد على ما يعرضه الأمير .. ولكن الشاب لم يعد إلى المدينة فارغ اليدين، فقد وجد في طريق عودته من الحِجْر إلى مدائن صالح بعض تجار الكويت يعرضون أنواعا من البضائع فيها السكر والقماش والبن.
وكانت المدينة تحتاج إلى هذه الأصناف أشد الحاجة وهي محاصرة بجيوش الهاشميين، وعقد الشاب محمد المغيربي أولى الصفقات مع هؤلاء التجار الذين كانوا يجلبون هذه البضائع من البلاد القريبة التي لم تصلها كوارث الحرب، وعاد إلى المدينة بها، وشجَّعه أبوه على الاستمرار في شراء هذه البضائع وجلبها إلى المدينة المنورة، فقد كانت الحاجة إليها شديدة والربح فيها مجزيًا.
وعاد المغيربي مرة أخرى في رحلة تجارية مع إحدى القوافل التجارية التي سارت إلى الجوف ثم إلى حائل استغرقت أربعين يومًا، وكانت الكويت ترسل بضائعها إلى حائل، فعقد صفقته الثانية فيها.