للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظل حسين أحمد مقيمًا بالمدينة يلقي الدروس على تلاميذه بالمسجد النبوي الشريف إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى، فسافر إلى مكة المكرمة والطائف، وبعد أن قامت الثورة على الحكومة العثمانية طُلب منه أن يفتي بوجوب الخروج على الدولة، ولم يكن يرى ذلك فامتنع فنُفي إلى جزيرة مالطة ومكث بها أن أن انتهت الحرب العالمية وأطلق سراحه فعاد إلى الهند، وعمل بالنصيحة التي نصح بها الابراهيمي وباديس، فعاد إلى الهند ليبدأ جهاده فيها، رائدًا ينشر العلم، ومصلحًا يوقظ الهمم الخامدة، داعيًا إلى الإصلاح الديني والاجتماعي، فهما السبيل إلى رفعة الأمة لتخلع عن عاتقها نير الاستعباد وكان الرجل يتقن اللغتين العربية والأردية كما رزق موهبة الخطابة والفصاحة، فكان لذلك تأثيره القوي في السامعين.

وبعد كتابة ما تقدم قرأت للأستاذ محمد حسين زيدان في سبب نفي حسين أحمد إلى مالطة ما يلي:

والصحيح أنه جمع أموالًا تبلغ أكثر من مليون روبية فذهب بها إلى الطائف عونًا للباشا التركي ضد موقف الحسين بن علي، فحكومة الشريف هي التي سلمته للانجليز فنفوه إلى مالطه (١).

أقول: إنني شخصيًا أستبعد صحة هذه الرواية التي ذكرها الزيدان ولم يذكر مصادره فيها، فالزمن الذي قام فيه الحسين بن علي بالثورة على الأتراك زمن الحرب العالمية الأولى، فكيف تمكن حسين أحمد وهو بالمدينة أن يجمع المليون روبية ويذهب بها إلى الطائف ليسلمها للقائد التركي هناك وأهل المدينة ليس لديهم ما يكفيهم وحجاج الهند بينهم وبين الوصول إلى المدينة الحرب العالمية.؟

أخشى أن يكون الخبر مكذوبًا أو مبالغًا فيه.

اشتغل حسين أحمد مدرسًا بالجامعة التي تخرج منها فشغل منصب مشيخة علم الحديث النبوي، كما عمل نائبًا لرئيس جمعية العلماء في دهلي.

وقدم إلى المدينة زائرًا سنة ١٣٥٨ هـ وألقى محاضرة قيِّمة في مدرسة العلوم الشرعية التي أسسها أخوه السيد أحمد، فكانت محاضرة جامعة تحدَّث فيها عن المجتمع الإسلامي، ارتجلها باللغة العربية الفصحى، فكانت آيةً في الاستيعاب والدقة، والملاحظات الشاملة، وقد نشرت هذه الحاضرة في مجلة المنهل في أعداد متسلسلة (٢).

وأخوه الثاني جميل أحمد، التحق بالمكتب الاعدادي التركي بالمدينة المنورة، ومن هذا المكتب أوفد إلى الاستانة للالتحاق بالمدارس العليا بها، ولكن المنيَّة وافته وهو في ذروة شبابه فتوفي بالمدينة قبل اكمال دراسته العليا.


(١) ذكريات العهود الثلاثة ص ٤٣
(٢) ١٨ - ٢٠ السيد أحمد الفيض آبادي

<<  <  ج: ص:  >  >>