عرفت الشيخ عبد الله محمد الصغير في الفترة ما بين الأربعينات إلى أواخر الخمسينات إذ كانت تربط زوجه صلة قربى بعائلتنا وكما علمت فإنها زفت إليه من منزل أسرتنا في جدة عرفت الرجل في هذه الفترة وقد وهب نفسه لخدمة الناس ورأيته يدخل إلى مكاتب التجار من أصدقائه ومحبيه فيقول لأحدهم بلهجة الأمر هات جنيها أو جنيهين أو عشرة فيؤديها له في الحال دون أن يسأله عن وجهة صرفها ودون أن يفصح هو عن ذلك يحافظ بها على أسرار الناس، يستر عوراتهم ويقضى حوائجهم ويؤدونها له راضين وهم يعلمون أنها أنما توضع في موضعها الصحيح لأنها إنما تؤدى عن يد الثقة الأمين، وكان له مجلس في مدخل داره التي هدمت وأدخلت في الشارع الجديد شارع الذهب صباح كل يوم فيفد إليه أصحاب الحاجات ويسرون إليه بشؤونهم فإذا كان الضحى انطلق إلى داخل المدينه يزور أصدقاءه في مكاتبهم ومتاجرهم والكل يحتفى به ويوسع له ويسارع إلى طلبه عن رضى وارتياح، وأصبح الرجل مقصدا لأصحاب الحاجات يهرعون إليه في حوائجهم فلا يتردد لحظة في الاستجابة وما أسرع ما يكون قضاء هذه الحاجات على يديه لا وهبه الله من حب القادرين وما حبب إليهم من الاستجابة لكل ما يطلب دون تردد أو سؤال.
وسعى به الساعون إلى الدولة في فترة حرجة فأمر بمغادرة البلاد وهاجر إلى مصر واشتركت مدينة جدة كلها في توديع الرجل الكريم منهم من ودعه في بيته ومنهم من ودعه في الميناء والخاصة من أصدقائه وهم كثيرون استقلوا الزوارق إلى الباخرة وبقوا معه فيها حتى أوشكت على الرحيل وأصبحت زوجه محل عناية أصدقائه فكانوا يترددون عليها ويتفقدون شؤونها تقديرا لزوجها ووفاء له في محنته وسعى الكثيرون من تجار مدينة جدة ووجهائها في إظهار الحقيقه لأولى الأمر، وإبطال الفرية المدسوسة. وما هي إلا أشهر قليلة حتى أصدر جلالة المغفور له الملك عبد العزيز أمره بالسماح له بالعودة إلى البلاد وكان قد قضى هذه الفترة