للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبوه علي بن سرحان من حاشية سمو الأمير فيصل بن عبد العزيز النائب العام لوالده الملك عبد العزيز في الحجاز "ملك المملكة العربية السعودية "فيما بعد، وكان يسكن في محلة المعابدة، وهي محلة بظاهر مكة المكرمة تتميز بالسمات البدوية لسكانها الذين يأخذون بأسباب الحضارة ومظاهرها، ويحتفظون في نفس الوقت بإباء البادية وخشونتها.

نشأ حسين سرحان في كنف جده لأمه عبيد الله بن سرحان لأن والده كان يعيش في نجد، وكان جده عمدة لمحلة المعابدة، وكان في نفس الوقت يَتَّجَرَ في الماشية وله أغنام يشرف على رعيها وبيعها، ونشأ الشاعر في هذه البيئة البدوية فمارس في صباه ما كان يمارس جده وتمارسه القبيلة من رعي الأغنام والاتجار فيها بيعًا وشراءًا، وكان جده ينتجع الرصيفة وهي في الجنوب الغربي لمكة، فيقضي مع أصته ومن يلوذ بهم شهورًا عديدة يصِّيفون بها، وقد استمر يحيا هذه الحياة البدوية إلى ما قبل البلوغ بقليل (١).

وقد وصف حسين سرحان نفسه أصدق وصف في هذا البيت:

بدوي طبعٍ عنجهيُّ سليقةٍ … وكأنني منْ قد نماه مُكدِّمُ (٢)

عاش حسين سرحان في بحبوحة من العيش في ظل جده، فلم يبحث عن وظيفة يعيش منها أو يعين أهله بما تدره عليه، كما كان الحال بالنسبة لكثير من أترابه وزملائه في ذلك الزمان.

ووجد الوقت أمامه فسيحًا للقراءة والاطلاع، والتفرغ للشعر والأدب.

كان أبوه من حاشية النائب العام الأمير فيصل بن عبد العزيز الذين يطلق عليهم مسمى - الخويا - وحينما شب ابنه حسين التحق بالحاشية وأصبح من الخويا، واستمر على هذه الصفة فيما بعد، وكان من مقتضيات الخويا إجادة الرماية، وحمل السلاح خاصة في الأوقات التي يرافقون فيها الأمير في رحلاته، ورافق حسين سرحان سمو الأمير فيصل في رحلات متعددة إلى ليَّة ثم إلى الخرجة، والى العتمة (٣).

وفي عام ١٣٦٢ وحسين سرحان في الثلاثين من العمر التحق بأول عمل رسمي له فقد دعاه الشيخ عبد الله السعد ليعمل في فرع مصلحة اللوازم العامة بالطائف، ولم يكن راغبًا في الوظيفة، ولكنه وقد رأى نفسه يبلغ الثلاثين من العمر دون ارتباط بعمل يدر عليه دخلا، قبل العمل الذي عرض عليه، وقد وصف شعوره بعد ارتباطه بالوظيفة في قصيدة عنوانها "الموظف الجديد" سنتحدث عنها حينما نتحدث عن أبواب الشعر في دواوين حسين


(١) شعر حسين سرحان دراسة نقدية ص ١٧.
(٢) أجنحه بلا ريش ١٦٦.
(٣) شعر حسين سرحان دراسه نقديه ص ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>