للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ/ الغازي في هذا الصدد ما يلي:

وفي عاشر جمادي الآخرة سنة ١١١٨ أخذ الأشراف قافلة كبيرة من جدة ولم يفزع لها أحد من جانب الشريف، وإنما الشريف عزم على الركوب عليهم، وَرْفعِهِمْ عن الطريق فأرسل يستصرخ عربًا وأرسل - لايوز بك - يطلبه بعض مدافع فامتنع أن يعطيه وقال:

أنا لا أستغني عنها، فأمر بفتح بيت سليمان باشا لأنه بلغه أن في الدهليز أربعة مدافع مدفونة وكان الأمر كذلك، فأخرجها، وأخرج أيضًا من البيت بَطَّةً ملآنة بارود، واشتد الكرب، وعزَّ كل شيء من الأقوات وغيرها من حطب وفحم وملح لانقطاع الطريق، وقد أرَّخ هذه السنة الأديب الشيخ/ زين العابدين بن أحمد الشماع بالقصيدة التي أوردناها آنفا (١).

أقول: كانت إمارة مكة محل تنازع شديد بين الأشراف فقد وليها الشريف عبد الكريم بن محمد بن يعلى بدلًا من الشريف سعيد بن سعد بعد أن حصل على أمر من السلطنة العثمانية له بها ودخل مكة في السادس من شعبان سنة ١١١٧ ولكن الشريف سعيد جمع جموعًا من العربان قاصدًا مهاجمة مكة، وخرج الشريف عبد الكريم لملاقاته - بالمليساء - قرب الطائف، واقتتل الفريقان وانهزم الشريف سعيد في هذه المعركة، وانسحب إلى ليِّةَ من ضواحي الطائف.

وكانت الأحوال مضطربة بسبب الاقتتال بين الأشراف على الإمارة، وتداولها بينهم وقد انعكس ذلك على الحالة العامة، ففي موسم حج عام ١١١١، حصلت مشاجرة بين المحمل الشامي والمحمل المصري تبودل فيها إطلاق الرصاص بين الفريقين في يوم عرفة.

ومن المؤكد أن هذه الأحوال قد أثَّرتْ على حالة الأمن لانقطاع الطريق وشُحِّ الغذاء، وهو الأمر الذي صوره الشيخ زين العابدين في قصيدته التي أوردناها آنفا (٢).

* * * *


(١) إفادة الأنام مجلد ٢ ص ٥٨١/ ٥٨٤.
(٢) انظر تفصيل ذلك في كتاب خلاصة الكلام ص ١٩٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>