خفايا هذه المعركة التي استمرت شهورا طويلة والتي كانت معركة شعرية رمزية ثم انتهت نهاية سيئة مؤسفة.
كان العواد محققا بالقسم العدلى بإدارة الأمن العام في مكة المكرمة وكان المرحوم الأستاذ طلعت وفا رئيس القسم العدلي صديقا حميا للأستاذ حمزة شحاتة وكان حمزة دائم الشكوى من العواد ينتقد تصرفاته وأعماله وأحب طلعت وفا أن يجمع بين الأدبين الكبيرين لإصلاح ذات البين وتصفية النفوس فاجتمعا وكنت أنا وطلعت نحضر هذا الاجتماع بمنزله في أجياد وطال النقاش وكنت آمل كما كان الأستاذ طلعت وفا يأمل أن ينتهي الاجتماع بالوفاق خاصة وأن العواد هو أستاذ حمزة شحاتة ولكن حمزة غفر الله له هاجمه مهاجمة شديدة جارحة وانتهى الاجتماع بالقطيعة بل أسفر عن خصام شديد وإني لأذكر إنى عاتبت حمزة رحمه الله بعد ذلك وأوضحت له أنه كان قاسيا في هجومه على العواد وأنه استباح في مهاجمته ما لا يستباح فاعترف حمزة بذلك ولكنه كان عنيدا وبدأت المعركة بقصيدة أو على الأصح بقصائد شعرية ينظمها حمزة ويرد عليها العواد وكانت قصائد طويلة تنشر جميعها في جريدة صوت الحجاز وكان الناس يترقبونها كل أسبوع، وكانت الجريدة أسبوعية في ذلك الوقت وكان حمزة قد اتخذ اسم الليل رمزا له في هذه المعركة ثم تحول فيما بعد إلى العاصف إن لم تخني الذاكرة أما العواد فكان الساحر العظيم هو الرمز الذي اختاره لنفسه، من الناحية الفنية كانت هذه القصائد كسبا للأدب لأنها جاءت في أسلوب فني لشاعرين من أكبر الشعراء في ذلك الزمان في البلاد كما كانت مجالا للنقاش المستمر بين الأدباء والقارئين، ولو أن المعركة اقتصرت على هذا الحد لكان ذلك حسنا ولكنها تطورت للأسف الشديد إلى مهاجاة مقذعة تناول فيها كل صاحبه تناولا سيئًا حتى وصل إلى الأعراض واستباح ما لا يستباح وكانت هذه المهاجاة لا تنشر في صوت الحجاز لأنها لم تكن