التركية - قال الحاج محمد على وهالنى الأمر ووجدت أنه لا بد من عمل شئ لتغيير الحال وتعليم الأولاد القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة على الأقل ولم يكن مسموحا بافتتاح المدارس أو الكتاتيب في ذلك العهد، ولكن هذه العقبات جميعها لم تكن لتحول بين الرجل العظيم وما يريد قال فاستأجرنا مقعدا في بيت ذاكر بحارة الشام - المقعد هو المجلس الذى كان يوجد في مدخل كل بيت لاستقبال الرجال وجلوس صاحب المنزل به في ذلك الحين - واتفقنا مع أحد الفقهاء على تدريس الأولاد مبادئ القرآن الكريم والكتابة وتعليمهم صغار السور بين المغرب والعشاء قال الحاج محمد على وقد اخترنا هذا الوقت لنختفى عن عيون الدولة حيت لم يكن مصرَّحًا لنا بهذا العمل ولأوَّل مرةٍ وجدنا أن هناك مخاطر في خروج الأولاد للدراسة وعودتهم تحت جنح الظلام فاتفقت وأصدقائي عبد الرؤوف جمجوم ومحمد صالح جمجوم، ويحيى سليم ومحمد صالح نوار أن يذهب كل منا إلى منازل الأولاد (بعد الاتفاق مع آبائهم) لنأخذهم إلى هذه المدرسة الصغيرة ثم نعيدهم إلى منازلهم بعد انتهاء الدروس، وهكذا كان فكان هؤلاء الشبان وجميعهم في مطلع الشباب يذهبون إلى بيوت الأولاد لإِيصالهم إلى المدرسة ثم يعودون بهم بعد العشاء ليوصلوهم إلى أهليهم بأمان.
تخذوا الظلام إلى الضياء وسيلة … والفجر يولد في الدجى فيشيب
قال وكنا قد تقدمنا إلى الحاكم التركى بطلب التصريح لنا بافتتاح مكتب لتعليم القرآن الكريم وقد حصلنا أخيرا على هذا التصريح فأصبحت المدرسة تمارس نشاطها في وضح النهار وأخذنا نشجع الكثيرين على إرسال أولادهم إليها، وكان ما يأخذه الحاج محمد علي زينل من مرتب شهرى لقاء عمله في مكتب أبيه التجارى عشر روبيات (١) يذهب جميعه في نفقات هذه المدرسة