إن ما يلفت النظر في سيرة الحاج زينل ليس ثراؤه وتجارته فما أكثر التجار وأصحاب الثراء ولكن ما عرف عنه من البذل الكثير وخاصة للفقراء والساكين، لقد رأيت الحاج زينل والمساكين يحيطون به في مسجد العمار كلما ذهب لأداء الصلاة ويلتفون حوله وهو خارج من داره سواء للمسجد أو لزيارة بعض أصدقائه، فيقف لهم باسما ويمنحهم الأعطيات، ولم يكن يظهر عليه التأفف أو الضيق وهم يعانقونه ويتوددون إليه، بل كثيرا ما رأيتهم يوقفونه في الطريق ويدلون إليه بحاجاتهم فلا يجدون إلا يدًا سخية ووجهًا باشا وكلاما حسنا، وهذه الصفات لا تدل على الكرم المطبوع فحسب وإنما تدل على أن نفس الرجل قد أشربت حب الخير والعطف على المحتاجين فبذل لهم من نفسه كما بذل لهم من ماله ورفده.
وخلال الحرب السعودية الهاشمية كانت مدينة جدة محاطة بالأسلاك الشائكة وكان السلطان عبد العزيز يعسكر بجيشه في الرغامة وكانت المدينة تعانى من الحصار، كما أن واردات جدة من البضائع قد تأثرت بسبب حالة الحرب أقول في تلك الأيام كان الحاج زينل على رضا يتولى ذبح الذبائح وطبخ الطعام من الأرز ليطعم هؤلاء الفقراء والمساكين وكنت أراه وهو يقف بنفسه أمام القدور العظيمة التي يطهى فيها الطعام وينظر إلى الطاعمين في بشاشة ولطف وإيناس، كما رأيته وهو يأمر بإخراج بالآت السليطى - قماش من القطن نباتى اللون تستعمله البادية في الثياب - فتوزع على هؤلاء الفقراء ثيابا تكسو أجسادهم وتدخل السعادة إلى قلوبهم ولقد اشتهر الحاج زينل رحمه الله بحبه للفقراء وحدبه عليهم حتى لقب بأبى المساكين.