السادس الهجرى وقد تتبع المؤلف ما طرأ على هذه المقامات من كتب الرحلات والمؤرخين إلى العصر الذى عاش وألف كتابه فيه، وليس ما يهمنا هو ذكر هذه التطورات وإنما الذى يهمنا هو وصف كيفية الصلاة للأئمة الأربعة سواء في أوقات متتابعة أو في وقت واحد كما هو الحال في صلاة المغرب لضيق وقتها وما ينتج عن قراءة الأئمة الأربعة وتبليغ المبلغين عنهم في الركوع والسجود من اختلاط وتشويش على الناس في ركوعهم وسجودهم.
يقول ابن بطوطة فمن عاداتهم - أهل مكة - أن يصلي أول الأئمة أمام الشافعية وهو المقدم من قبل أولى الأمر وصلاته خلف المقام الكريم - مقام إبراهيم - وجمهور الناس بمكة على مذهبه فإذا صلى الإمام الشافعي صلى بعده إمام المالكية، ويصلى معه إمام الحنبلية في وقت واحد، ثم يصلى إمام الحنفية إلى أن يقول وترتيبهم هكذا في الصلوات الأربع، وأما صلاة المغرب فإنهم يصلونها في وقت واحد كل إمام يصلي بطائفته ويدخل الناس من ذلك سهو وتخليط فربما ركع المالكي بركوع الشافعي وسجد الحنفي بسجود الحنبلي وتراهم مصيخين كل واحد إلى صوت المؤذن الذي يُسمع طائفته لئلا يدخل عليه السهو.
ولقد كان تقدم أئمة المذاهب في الصلاة قبل غيرهم مرتبط بالحالة السياسية في تلك العصور فما نقلناه عن ابن حبيران إمام الشافعية كان المقدم عليهم تغير عام ٦٩٠ وأصبح المقدم إمام الحنفية وهكذا، ولقد كان بعض العلماء والوافدين في المواسم يعترضون على هذه الفوضى وصدرت بعض الفتاوي بكراهية تعدد الجماعات في المسجد الحرام ووصل الأمر إلى ملك مصر الناصر برقوق الجركسي فبرز أمره في ذلك العام أن يصلى إمام الشافعية المغرب وحده واستمر الناس يصلون المغرب في جماعة واحدة إلى أن تولى الملك المؤيد فأصدر مرسوما بأن يعود الأئمة الثلاثة إلى صلاة المغرب كما كانوا قبل ذلك.
وقد انتهى تحقيق المؤلف أن حدوث هذه البدعة وقع في القرون الوسطى على اختلاف أقوال المؤرخين في ذلك فمنهم من ذكرها في عام ٤٩٧ ومن ذكرها في عام