جميعة قد وهى. وبالكشف على ما تبقى من بناء الكعبة ظهر أن الحاجة تدعو إلى إزالة البناء القديم جميعه وتشييدها على أسس جديدة واختلف الناس في ذلك.
فالبعض يحبذ الهدم والبعض يميل إلى البناء على ما تبقى من البناء ولكن تغلبت فكرة الهدم الكامل في النهاية، فتم الشروع في الهدم في آخر يوم من شهر جمادى الأولى واستمر المهندسون والعمال في إزالة البناء القديم كله وهو بناء ابن الزبير إلى الثانى والعشرين من شهر جمادى الثانية ولم يبق في مكانه من بناء ابن الزبير إلا الحجر الأسود وذلك خشية عليه من التفتت، وقد تم قلع أحجار الشاذروان - الشاذروان هو حجر الأساس - كما نقضوا سقف الكعبة وحفظوا كسوتها وأبوابها وما زينت به من النحاس المموه بالذهب والرخام في مواضع أمينة.
وفى ضحى يوم الأحد الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربعين بعد الألف بدأ العمل في صب الأساسات في جدار الكعبة الشامي، وأقيم لذلك احتفال حضره أمير مكة الجديد الشريف عبد الله ومعه أولاده كما حضر هذا الاحتفال مندوب السلطان مراد خان ومندوب صاحب مصر وكثير من علماء مكة وأعيانها وسادن البيت وشارك الجميع على سبيل التبرك في عمل الأساسات كما جرى ذبح الذبائح عند باب السلام وباب الصفا وباب إبراهيم تقربا إلى الله تعالى رجاء قبوله وتوفيقه.
وقد استعملت الأحجار في المدماك الأول من البناء بسمك أربعة وعشرين قيراطا وفى المدماك الثاني بسمك اثنين وعشرين قيراطا وجرى صب الرصاص المذاب بين الأحجار لمساواتها وتقويتها.
ولما بلغ البناء إلى موضع الحجر الذى يستلمه الطائف في الركن اليماني وضع ذلك الحجر في مكانه بعد أن ضخمه السادن بالعنبر والمسك وبخره بالعود وكان طرف الحجر الذى نحته انكسر من أعلاه فوضع في محل ذلك رصاص مذاب