للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صباح وأبدى إنه لا طاقة له بالسير على الريق من الشهداء إلى القشاشية دون شرب هذه القهوة بالحليب.

وعقدنا جلسة مستعجلة مع العم حمزة لبحث الموضوع، ولم يخيب العم حمزة أمل الأستاذ أحمد فأبدى استعداده لصنع القهوة وإحضارها قبل مطلع الشمس ليستيقظ الأستاذ أحمد فيجدها طوع يديه، وكان عبد السلام أكثر الحاضرين حماسا لهذه القهوة .. فلقد حاول معنا من قبل تناول شيء في الصباح ولم نوافقه بحال من الأحوال.

وكان من عادة عبد السلام كل ليلة أن يحافظ على أمتعته فيضع الكوت والغترة تحت المخدة ويرفع الحذاء - أكرمكم الله - في جوانب الكرسي الذى ينام عليه، وكنا نعجب لهذا الحرص، ونتنذر عليه ولكنه أفهمنا أنه رقدي قديم، وليس حديث عهد بالنوم في المقاهى، وهو يعرف أصول الرقدية وقوانينهم والرقدي كما لابد وأن يعرف القارئ بضم الراء وتشديدها وفتح القاف دون تشديد هو مفرد راقد ويختص ذلك بمن تعود النوم في المقاهي، وهو اصطلاح لا تتنكر له اللغة الفصحى فيما أظن.

ونام عبد السلام ليلتها في موجة عارمة من الفرح، ونسي في غمرة هذه الفرحة أن يقوم بالإجراءات الاحتياطية التي يتخذها لامتعته وحذائه، ونمنا. واستيقظت في الصباح الباكر على حركة قدوم العم حمزة بالقهوة واستيقظ عبد السلام وادخل قدميه في الحذاء، وصرخ صرخة مفزعة طارت منها بقية النوم من عيني، واستيقظ لها كل من في المقهى من الناس، وسألنا عبد السلام ما بك؟ ولكن اجاباته كانت مختلطة بالصراخ فلم نفهم شيئا، ولكنا أدركنا أن هناك حدثا إصابه، وسارعنا إليه فرفعناه إلى الكرسي فإذا بقدمه التي ادخلها في الحذاء يصب منها الدم وقد بدا عليها التورم والاحتقان ووجدنا في الحذاء عقربا.

وتجمع الناس وفى السيارة الوحيدة الموجودة في المقهى في ذلك الصباح بعثنا عبد السلام إلى مستشفى أجياد لاسعافه ولم يشرب القهوة، ولم يتمتع بها، ومن مأمنه يؤتى الحذر. حيا الله صديقنا عبد السلام فلقد كان مصدر سرور حتى حينما

<<  <  ج: ص:  >  >>