مختلفة من أندونوسيا وغيرها من البلاد الإسلامية، والكثير منهم عمل في وظائف التدريس بالمسجد الحرام والمدرسة الصوليتيه نفسها وغيرها من المدارس في مكة المكرمة.
وهكذا يظهر لنا بوضوح المنحى التخصصى الذي اتجهت إليه المدرسة الصوليتية فأخرجت لمكة المكرمة وللبلاد الإسلامية هؤلاء الرجال الذين كانوا في زمنهم مصابيح علم وهداية.
وهنا مسألة يجب التنبيه إليها وهي أن المدرسة وحتى الجامعة على عظم أهميتها ليست وحدها العامل الأساسي في نبوغ وظهور المبرزين.
إن المدرسة تعطى الطالب الأساس الذي يبنى عليه علمه وهذا البناء يعتمد على الجهد الفردى للطالب وعلى طموحاته وتطلعاته واجتهاداته، ولو كانت المدارس تخرج العباقرة والنوابغ لامتلأت الدنيا بالعباقرة والنابغين، ولظهر النقص في الأيدي العاملة والطبقات المعتادة ممن يقومون بمختلف الأعمال العادية في دنيا الناس.
وأود كذلك أن أشير إلى أن الطريقة التي كانت تتم بها الدراسة في الماضى وقبل افتتاح المدارس النظامية والتى كانت تعتمد أساسا على حلقات الدرس في المسجد الحرام أو في المسجد النبوى الشريف أو المساجد الأخرى لم يكن الطلاب يعتمدون فيها على أستاذ واحد وإنما يتنقلون بين حلقات المشايخ ليتلقوا عن كل واحد منهم علما تخصص فيه، وقد تشتد علاقة الطالب بأستاذه فيتلقى عنه بالملازمة الطويلة الكثير من العلم فتكون نسبته إليه هي الغالبة.
إن العصر الذى نتحدث عنه كانت تتفشى فيه الأمية، وكان المتعلمون فيه هم الصفوة القليلة النادرة، لهذا فإن نظرتنا إلى هؤلاء الرجال الذين حاولوا تبديد ظلمات الجهالة في تلك الأزمان تتسم بالإكبار والتقدير، لأن علمهم كان جهادا حقيقيا في نشر العلم، ولما كانت نياتهم قد حسنت ونفوسهم قد صفت فإن الله