وكنت في عجب من دعوتي إليه بينا أنني تاجر حديث وهناك من هم أكبر سنا وأعظم خبرة وأكثر تجربة من أصحاب الأسماء الكبيرة والتقيت في الطائف بالصديق الأستاذ محمد عمر توفيق - معالي وزير المواصلات فيها بعد - وكان يعمل بديوان سمو النائب العام ولم أكتمه عجبي من اختياري لحضور الاجتماع فقال لي أن السيد صالح شطا كان يتابع ما تكتبه من مقالات اقتصادية في صوت الحجاز وهو الذي رشحك لدى سمو النائب العام لحضور هذا الاجتماع أما الحادثة الأولى فاذكر أنني كتبت مرة بحثا عن النقد في جريدة صوت الحجاز ونشر في حلقتين أو أكثر أوضحت فيه رأيي فيما يجب أن يكون عليه النقد والصفات التي يجب أن يتحلى بها الناقد من علم تام بما ينقد، ومن حيدة لا تؤثر فيها العواطف والأهواء وقلت فيما قلته إن الناقد هو قاض عادل يزن الأمور ميزان دقيق فيؤدى أمانة النقد كاملة فيذكر ما له كما يذكر ما عليه وكنت يومها أصيف بالطائف ولم أشعر إلا والمرحوم السيد عبد الحميد الخطيب عضو مجلس الشورى والسفير السعودي في باكستان فيما بعد، يزورني ويذكر لى ثناء السيد صالح رحمه الله وإعجابه بما قرأ وحديثه عن ذلك في المجلس وحينما أعود الآن بذكرياتي عن هذا الأمر بعد ما مر بي من تجاريب الحياة يتمثل لي السيد صالح شطا وأمثاله من عظماء الرجال رجالا كبارا، فلقد كان الرجل في ذروة مجده رئيسا لمجلس الشورى وزعيما من زعماء مكة المكرمة بل من أكبر زعمائها وكنت أنا شابا في بداية الطريق أعمل سكرتيرا لمعالي الشيخ محمد سرور وكان الفارق بيني وبينه كبيرًا في كل شيء ولكن هذه الفوارق على سعتها لم تمنع الرجل من التحدث بما استحسنه حتى وصل به الأمر إلى الأخذ بيدى إلى الظهور بينا أنني رأيت بعد ذلك من الناس الأعاجيب في غمط حقوق الغير وطمس آثارهم وإظهار الحسنات بمظهر السيئات وهذه هي الصفة الغالبة على الناس بكل أسف لم ينج منها إلا كبار النفوس والعقول.