وجاء ذكر كتاب السباعي "تاريخ مكة" .. وكان في المجلس رجلان أحدهما: من أوائل الوزراء السعوديين، والثاني: من كبار موظفي الدولة وكان يومها يشغل منصبا كبيرًا في الرياض، وتوجه سمو الأمير عبد الله بن عبد الرحمن إلى الرجلين يسألهما عن كتاب "تاريخ مكة" ولكنَّ أحدا منهما لم يستطع الحديث في الأمر لأنهما لم يكونا قد عرفا أو سمعا بالسباعي ولا بكتابه العتيد.
والتفت سموه إلىَّ وكنت في ناحية قصية في المجلس وقال مُستغربًا، أليس هذا تاريخ بلادكم ألم تقرأوه؟ قلت لسموه: إن "تاريخ مكة" كتاب عظيم لولا أنه مختصر ثم أضفت:
كنت أتمنى لو أن المؤلف أطال نَفَسَ القول ليكون كتابه أشفى للغلة، قال سموه: ولكن ما هو هذا السباعي؟ وكان يشير إلى تعليقاته على الأحداث والرجال التي وردت في الكتاب.
قلت: إن كُتَّابَ التاريخ ينقسمون إلى قسمين: قسم: يورد الحوادث ويترك للقارئ أن يستخلص منها ما يشاء، والقسم الآخر: يورد الحوادث ثم يورد رأيه فيها، والسباعي من هذا القسم الأخير.
وعدت إلى فندق اليمامة بالرياض فوجدت السباعي - رحمه الله - في غرفة المائدة ويبدو أن شخصًا ما نقل إليه ما دار في مجلس سمو الأمير عبد الله بن عبد الرحمن فأقبل عليّ محيِّيًا فقلت له: إني وصفت "تاريخ مكة" بأنه مختصر فقال - رحمه الله - مختصر .. إنه فهرست .. وكانت هذه الحادثة سببا في إصلاح ما فسد بيني وبينه قبل ربع قرن كما كانت هذه آخر مرة ألقاه فيها - رحمه الله -.