للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن البرتغاليين ينوون مهاجمة جدة بعد أن استولوا على بعض المدن في الهند فأسرع السلطان بتحصين المدينة وأرسل لذلك حسين الكردي فأمده بالجنود والسلاح فبنى السور في مدة عام واحد وسخَّر في بنائه أهالي البلدة دون تفريق حتى لا تفاجأ المدينة بغزو البرتغاليين لها وهي غير محصنة، وقد استعمل حسين الكردي هذه الشدة في إنجاز المهمة الموكولة إليه فتم بناء السور في سنة ٩١٥ هـ، ولكن البرتغاليين لم يغزو مدينة جدة إلا في سنة ٩٤٨ هـ الموافقة لسنة ١٠٥٩ م، وكان أمير مكة الشريف أبو نمي قد ترك الحج وسارع إلى جدة ومعه الجنود والمتطوعون، فلما وصل البرتغاليون واجهوا مقاومة شديدة، وأصلوا بنار حامية، وفروا هاربين (١٦١).

أما ما ذكره القطب المكي عن إقطاع مدينة جدة للكردي من قبل السلطان الغوري فإني أشك في الأمر حيث أن خشية السلطان الغوري على مدينة جدة من تعرضها للغزو، وهي - باب مكة المكرمة - ودهليز الحرمين يتعارض مع إقطاعه المدينة للكردي ليتخلص منه، ولكني أتوقع أن السلطان في حرصه الشديد على إتمام التحصين للمدينة فوض الكردي ومنحه صلاحيات واسعة في حكم مدينة جدة، حتى ينجز المهمة الموكولة إليه، فأساء المذكور استعمال هذه الصلاحيات بما لجأ إليه من ألوان البطش والتنكيل التي أنزلها بالناس، أما إقطاع المدينة فهو مستبعد فيما أظن.


(١٦١) انظر تفصيل مهاجمة البرتغاليين لمدينة جدة في "أعلام الحجاز" (ج ٢): ص ٢١٦، ٢١٥ للمؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>