للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلها، وخرجوا على الشريف سعد بن زيد، لأنهم حالفوا قبائل حرب فذهبوا معهم يساعدونهم على قتاله، يقول الشيخ النابلسي:

وهذه القرية فيها ماء جارٍ ونخل كثير، وكان له حِمْلٌ كثير في هذه السنة، والعراجين بعد، ما نضج بُسْرُها فجلسنا على حافة ذلك الماء الجاري، وشربنا القهوة مع الشريف وولده، وقد أمر - حفظه الله - بحرق بيوت القرية وإننا لنرى النار تتأجج في جدرانها التي من أخشاب النخل اليابس، والهواء يزيدها تأجُّجًا والتهابًا، وقد أمر بقطع النخل، فيصعد العبد الأسود إلى أعلى النخلة فيقطع جارها وعراجينها، فتيسقط العراجين إلى الأرض كل عرجون فيه البُسْر الأخضر الذى لم ينضج، مقدار العشرة الأرطال الشامية، أو أكثر أو أقل (٢٤٧).

هذا الوصف الحي الذي أورده الرحالة الشيخ النابلسى لحالة الأمن في ينبع يقدم لنا صورة لتسلط الأعراب على طرق الحج، فلا يستطيع الحجاج اجتياز الطرق إلا في حماية جهة قوية تحميهم من تعرض الأعراب لهم بالنهب والفتك، ويبدو أن أمير مكة في ذلك الزمان الشريف سعد بن زيد، كان قد علم بوصول الشيخ النابلسى وجماعته من الشام إلى الحج، فأمر بخروجهم في حماية بعض الأشراف كما أورد النابلسى تفصيله، وهكذا كان. أما وصف النابلسى لحريق قرية سويقة وعقر نخيلها فهى تقدم لنا صورة أخرى، لما كانت عليه الحال من اختلاف بين الأشراف والأمراء، وانضمام بعض القبائل إلى بعضهم،


(٢٤٧) "بلاد ينبع" لحمد الجاسر: ص ٨٢ - ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>