يضعفون إليه في القوة ويقرون له بالقدرة والحجة، لا يحملهم تضعيفهم أنفسهم أن يجحدوا حجته عليهم، ولا يحملهم علمهم بعذره إليهم أن يجحدوا أن قدره نافذ فيهم، هذا عندهم سواء وهم به عن غيره أغنياء، وقد عصمهم الله تعالى من فتنة ذلك؛ فلم يفتحها عليهم وفتحها على قوم آخرين، لبسوا أنفسهم عليهم ما يلبسون فهم هنالك في غمرتهم يعمهون، لا يجدون حلاوة الحسنة فيما قدر عليهم من المصيبة حين زعموا أنهم في ذلك مملوكون أن يقدموها قبل أجلها ويزعمون أنهم قادرون عليها؛ فسبحان الله ثم سبحان الله؛ فهلم يا عباد الله إلى سبيل المسلمين التي كنتم معهم عليها، فانبحستم (١) بأنفسكم دونها، فتفرقت بكم السبيل عنها، فارجعوا إلى معالم الهدى من قريب قبل التحسر والتناوش من مكان بعيد؛ فقولوا كما قالوا، واعملوا كما عملوا، ولا تفرقوا بين ما جمعوا ولا تجمعوا بين ما فرقوا، فإنهم قد جعلوا لكم أئمة وقادة، وحملوا إليكم من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما هم عليه أمناء، وعليكم فيما جحدتم منه شهداء، فلا تجحدوا ما أقروا به من القدر؛ فتبتدعوا، ولا تشدوه بغيره؛ فتكلفوا؛ فإني لا أعلم أحدا أصح قلبا في القدر ممن لم يدر أن أحدا قال فيه شيئا؛ فهو يتكلم به غضا جديدا لم تدنسه الوساوس ولم يوهنه الجدل ولا التباس، وبذلك فيما مضى صح في صدر الناس؛ فاحذروا هذا الجدل، فإنه يقربكم إلى كل موبقة ولا يسلمكم إلى ثقة ليس له أجل ينتهي إليه، وهو يدخل في كل شيء؛