للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذائقة الْمَوْتِ} (١)، فلم يكن لأحد أن يتوهم على الله أنه عنى نفسه، وكذلك حين قدم في قوله خبرا خاصا، فقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (٢)، فدل على قوله باسم معرفة وعلى الشيء باسم نكرة فكانا شيئين متفرقين، فقال: {إذا أردناه} ولم يقل إذا أردناهما ولم يقل أن نقول لهما ثم قال: {كُنْ فيكون}، ففرق بين القول والشيء المخلوق. ثم قال: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٣)، فعقل أهل العلم عن الله أنه لم يعن قوله في جملة الأشياء المخلوقة حين قدم فيه خبرا أنه خلق الأشياء بقوله، وإنما غلط بشر يا أمير المؤمنين ومن قال بقوله بخاص القرآن وعامه.

قال عبد العزيز: ثم أقبلت على المأمون، فقلت: يا أمير المؤمنين إن بشرا خالف كتاب الله وسنة رسوله، وإجماع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. فقال: أو فعل ذلك؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، أوقفك عليه الساعة. فقال لي كيف؟ قلت: إن اليهود ادعت تحريم أشياء في التوراة، فقال الله عز وجل: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٤) فإذا تليت التوراة فلم يوجد ما ادعوا، كان إمساك التوراة مسقطا لدعواهم، وكذلك يقال لبشر:


(١) آل عمران الآية (١٨٥).
(٢) النحل الآية (٤٠).
(٣) الأنعام الآية (١٠٢).
(٤) آل عمران الآية (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>