للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتل بما قلت قرآنا وإلا فإن إمساك القرآن بما تدعي مسقط لدعواك، وكذلك تنظر في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كانت معه سنة من رسول الله، وإلا كان إمساك سنة رسول الله مسقطا لدعواه، وأما خلافه أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن أصحاب محمد اختلفوا في الحلال والحرام ومخارج الأحكام، فلم يخطئ بعضهم بعضا، فهم من أن يبدع بعضهم بعضا أبعد، وهم من أن يكفر بعضهم بعضا بالتأويل أبعد، وبشر ادعى على الأمة كلها كلمة تأولها، ثم زعم أن من خالفه كافر، فهو خارج من إجماع أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال بشر: ما ادعيت إلا نص التنزيل.

قال: قلت له: هات، فأنا أول من يقول بقولك إن كان معك تنزيل، ومن خالف فكافر. قال: فقال محمد بن الجهم: أولا تقبل منه إلا نص القرآن؟ قلت: لا، لأنه إذا تأول فلخصمه أن يتأول معه. قال: فقال لي محمد بن الجهم: ومن أين لك من القرآن أن هذا الحصير مخلوق؟ قلت: هو في القرآن من حيث لا تعلم، وقد أخبر الله أنه خلق الأنعام وخلق الشجر، وهذا الحصير من الشجر ومن جلود الأنعام، فمعك أنت شيء تخبرني أن القرآن من ذلك الشيء الذي خلقه الله؟ قال بشر: معي نص القرآن.

قال: فقلت: فكيف لم تأتني به أولا حين قلت لك ارمني بأحدّ سهم في كنانتك؟ قال: فقال نعم، قول الله عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (١) قلت: لا أعلم أحدا من المؤمنين لا يقول إن الله قد جعل القرآن عربيا وكل


(١) الزخرف الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>