للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (١)، وقوله: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} (٢)، ولما كان جعل يحتمل معنيين من الله: معنى خلق، ومعنى تصيير غير خلق، لم يدع ذلك لبسا على المؤمنين حتى جعل على كل كلمة علما ودليلا، ففرق بين معنى جعل الذي يكون على معنى خلق، وبين جعل الذي معناه غير معنى خلق، فأما معنى جعل الذي هو على معنى خلق، فإن الله عز وجل أنزل القرآن به مفصلا وهو بيان لقوم يفقهون، وأنزل القول مفصلا يستغني السامع إذا أخبر عنه أن يوصل الكلمة بكلمة أخرى، من ذلك قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (٣) فسواء قال: جعل أو خلق. وقوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (٤) وقوله: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (٥)، فهذا وما كان على مثاله على معنى خلق. وأما جعل الذي معناه على غير معنى الخلق، فهذا من القول الموصل. ألم تسمع إلى قوله: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (٦)، كقوله: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي


(١) النور الآية (٦٣).
(٢) يونس الآية (٨٧).
(٣) الأنعام الآية (١) ..
(٤) النحل الآية (٧٢).
(٥) السجدة الآية (٩).
(٦) القصص الآية (٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>