للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادفع هذا الكتاب إلى خالد غلامي، وكتب إلي مئة وأربعة وخمسين كتابا يقول في كل كتاب منها: ادفع هذا الكتاب إلى يزيد، ولا يقول: غلامي، وكتب إليَّ كتابا، فقال: ادفع هذا الكتاب إلى يزيد وإلى خالد غلامي، وكتب إلي كتابا واحدا يقول فيه: خالد غلامي ويزيد، ولم يقل: غلامي، فكتبت إليه: إني قد دفعت الكتاب إلى يزيد، وإلى خالد غلامك، فلقيني فقال: لم لم تكتب إلي أنك دفعت الكتاب إلى خالد ويزيد غلامي، فقلت له: قد كتبت إلي مئة كتاب وأربعة وخمسين كتابا تقول: ادفع هذا الكتاب إلى يزيد، ولا تقول فيها: غلامي، وكتبت إلي ثمانية عشر كتابا تقول فيها: إلى خالد غلامي. فقال لي بشر: فرطت، فحلفت أنا: إن بشرا فرط وحلف بشر أني فرطت، أينا كان المفرط يا أمير المؤمنين؟

فقال المأمون: إذا كان هكذا فبشر المفرط. فقلت: يا أمير المؤمنين إن الله عز وجل أخبرنا عن القرآن في أربعة وخمسين ومئة موضع، فلم يخبر عن خلقه في موضوع واحد، ثم جمع بين القرآن والإنسان في موضع واحد، فقال: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (١) ففرق بين القرآن والإنسان وزعم بشر أن الله فرط في الكتاب، إذ كان القرآن مخلوقا، وعليه أن يخبر بخلق القرآن. قال عبد العزيز: فأخبرني أبو كامل الخادم أن المأمون كان يقول: ما مر بكم مثل المكي قط في خالد ويزيد. فأمر له -يعني: لعبد العزيز- بعشرة آلاف درهم، وأمر أن تجرى له


(١) الرحمن الآيات (١ - ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>