للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسابق حكومة المأمون ولا المعتصم ولا الواثق على وزارة أو أي منصب سياسي، لم ينازعهم في هذه الأمور التي يتطاحن عليها أهل الدنيا. وقد حاول المعتصم إغراءه بالقرب إليه، ولكن إمامنا لم يعبأ به. ولقد حاول المتوكل -وهو الذي رفع المحنة جزاه الله خيرا- أن يتقرب إليه بكل وسائل التواضع ولكن الإمام لم يرض أن يدنس دينه وسيرته بالقرب منهم. فالإمام لم ينله ما ناله -ولله الحمد- في جريمة ارتكبها أو منازعة أو مغالبة سياسية أو حزبية. فإن هذا مما طهره الله منه وإخوانه من السلف السابقين واللاحقين منهم.

وإذا كان لكم شيء تفتخرون به يا أصحاب عقيدة السلف، فليكن بالإمام أحمد وبأمثاله، وكم لكم من أمثاله إن كنتم تقرأون تاريخ عقيدتكم السلفية.

وبعد هذه التوطئة نذكر ملخص المحنة، وإلا فقد أفردت بالتأليف، وقد أطال المؤرخون للإمام في سياقها، وذكر رواياتها، ومن أعظمهم الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء، وفي تاريخ الإسلام، وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد بن حنبل، وغيرهم مما هو معروف عند من يتتبع سيرته العطرة.

- قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: قد ذكرنا فيما تقدم أن المأمون كان قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق إلى الباطل، وزينوا له القول بخلق القرآن ونفي الصفات عن الله عز وجل. قال البيهقي: ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم، فلما ولي هو الخلافة، اجتمع به هؤلاء فحملوه

<<  <  ج: ص:  >  >>