للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك حوبا، فاشترى الأعظم من ذلك بالأصغر، وقال: "أشتري بعض ديني ببعض".

وأما طعنه على أبي هريرة بتكذيب عمر وعثمان وعلي وعائشة له. فإن أبا هريرة صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نحوا من ثلاث سنين، وأكثر الرواية عنه وعمر بعده نحوا من خمسين سنة. وكانت وفاته، سنة تسع وخمسين، وفيها توفيت أم سلمة، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتوفيت عائشة رضي الله عنها، قبلهما بسنة. فلما أتى من الرواية عنه، ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة أصحابه والسابقين الأولين إليه، اتهموه، وأنكروا عليه، وقالوا: كيف سمعت هذا وحدك؟ ومن سمعه معك؟ وكانت عائشة رضي الله عنها، أشدهم إنكارا عليه، لتطاول الأيام بها وبه. وكان عمر أيضا، شديدا على من أكثر الرواية، أو أتى بخبر في الحكم، لا شاهد له عليه. وكان يأمرهم بأن يقلوا الرواية، يزيد بذلك: أن لا يتسع الناس فيها، ويدخلها الشوب، ويقع التدليس والكذب، من المنافق والفاجر والأعرابي. وكان كثير من جلة الصحابة، وأهل الخاصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأبي بكر، والزبير، وأبي عبيدة، والعباس بن عبد المطلب، يقلون الرواية عنه. بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئا، كسعيد ابن زيد بن عمرو بن نفيل، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. وقال علي رضي الله عنه: كنت إذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا، نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه محدث، استحلفته، فإن حلف لي صدقته وأن أبا بكر حدثني، وصدق أبو بكر. ثم ذكر الحديث. أفما ترى تشديد القوم في الحديث وتوقي من أمسك، كراهية التحريف، أو الزيادة في الرواية، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>