للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقصان، لأنهم سمعوه عليه السلام يقول: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار" (١).

وهكذا روي عن الزبير أنه رواه وقال: أراهم يزيدون فيه "متعمدا" والله ما سمعته قال "متعمدا". وروى مطرف بن عبد الله، أن عمران بن حصين قال: والله، إن كنت لأرى لو شئت لحدثت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يومين متتابعين، ولكن بطأني عن ذلك أن رجالا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعوا كما سمعت، وشهدوا كما شهدت، ويحدثون أحاديث ما هي كما يقولون، وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم، فأعلمك أنهم كانوا يغلطون لا أنهم كانوا يتعمدون. فلما أخبرهم أبو هريرة بأنه كان ألزمهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لخدمته وشبع بطنه، وكان فقيرا معدما، وأنه لم يكن ليشغله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرس الودى ولا الصفق بالأسواق، يعرض أنهم كانوا يتصرفون في التجارات ويلزمون الضياع في أكثر الأوقات، وهو ملازم له لا يفارقه، فعرف ما لم يعرفوا، وحفظ ما لم يحفظوا -أمسكوا عنه وكان مع هذا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا، وإنما سمعه من الثقة عنده، فحكاه. وكذلك كان ابن عباس يفعل، وغيره من الصحابة، وليس في هذا كذب -بحمد الله- ولا على قائله -إن لم يفهمه السامع- جناح، إن شاء الله. وأما قوله: "قال خليلي، وسمعت خليلي". يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأن عليا رضي الله عنه، قال له: "متى كان خليلك؟ ". فإن الخلة بمعنى الصداقة والمصافاة، وهي درجتان، إحداهما ألطف من الأخرى. كما أن الصحبة درجتان، إحداهما ألطف من الأخرى. ألا ترى


(١) الحديث صحيح متواتر فاق رواته الستين راويا. أخرجه: أحمد (٣/ ٩٨) والبخاري (١/ ٢٦٨/١٠٨) ومسلم في مقدمته (١/ ١٠/٢) والترمذي (٥/ ٢٦٦١/٣٥) وابن ماجه (١/ ٣٢/١٣) من طرق عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>