للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن القائل: أبو بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا يريد بهذا القول معنى صحبة أصحابه له، لأنهم جميعا صحابة، فأية فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه في هذا القول؟ وإنما يريد أنه أخص الناس به.

وكذلك الأخوة التي جعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه، هي ألطف من الأخوة التي جعلها الله بين المؤمنين، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (١) وهكذا الخلة. فمن الخلة التي هي أخص، قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (٢). وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا" (٣). يريد لاتخذته خليلا، كما اتخذ الله إبراهيم خليلا. وأما الخلة، التي تعم، فهي الخلة التي جعلها الله تعالى بين المؤمنين فقال: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (٤). فلما سمع علي أبا هريرة يقول: "خليلي، وسمعت قال خليلي" وكان سيء الرأي فيه، قال: "متى كان خليلك؟ ". يذهب إلى الخلة التي لم يتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جهتها- خليلا، وأنه لو فعل ذلك بأحد، لفعله بأبي بكر رضي الله عنه. وذهب أبو هريرة إلى الخلة التي جعلها الله تعالى بين المؤمنين، والولاية، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذه


(١) الحجرات الآية (١٠).
(٢) النساء الآية (١٢٥).
(٣) مسلم (١/ ٣٧٧/٥٣٢) من حديث جندب بن عبد الله، وفي الباب حديث ابن مسعود وابن عباس وأبي سعيد وغيرهم.
(٤) الزخرف الآية (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>