للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم" (١). قالوا: وهذه حجة للروافض في إكفارهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا عليا وأبا ذر، والمقداد، وسلمان وعمار بن ياسر، وحذيفة.

قال أبو محمد ونحن نقول: إنهم لو تدبروا الحديث، وفهموا ألفاظه، لاستدلوا على أنه لم يرد بذلك إلا القليل. يدلك على ذلك قوله: "ليردن علي الحوض أقوام". ولو كان أرادهم جميعا إلا من ذكروا لقال: "لتردن علي الحوض، ثم لتختلجن دوني". ألا ترى أن القائل إذا قال: "أتاني اليوم أقوام من بني تميم، وأقوام من أهل الكوفة" فإنما يريد قليلا من كثير؟ ولو أراد أنهم أتوه إلا نفرا يسيرا قال: "أتاني بنو تميم، وأتاني أهل الكوفة" ولم يجز أن يقول قوم لأن القوم، هم الذين تخلفوا. ويدلك أيضا قوله: "يارب، أصيحابي" بالتصغير، وإنما يريد بذلك تقليل العدد، كما تقول: "مررت بأبيات متفرقة"، و"مررت بجميعة". ونحن نعلم أنه قد كان يشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاهد، ويحضر معه المغازي المنافق لطلب المغنم، والرقيق الدين، والمرتاب، والشاك. وقد ارتد بعده أقوام، منهم عيينة بن حصن، ارتد ولحق بطليحة بن خوليد، حين تنبأ وآمن به، فلما هزم طليحة، هرب، فأسره خالد ابن الوليد، وبعث به إلى أبي بكر رضي الله عنه في وثاق، فقدم به المدينة فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد، ويضربونه ويقولون: "أي عدو الله، كفرت بالله بعد إيمانك؟ ". فيقول عدو الله: والله ماكنت آمنت. فلما كلمه


(١) أحمد (١/ ٢٣٥و٢٥٣) والبخاري (٨/ ٣٦٣/٤٦٢٥) ومسلم (٤/ ٢١٩٤/٢٨٦٠) واللفظ لمسلم. والترمذي (٤/ ٥٣٢/٢٤٢٣) والنسائي (٤/ ٤٢٣/٢٠٨٦) من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>