للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} (١) أي استقررت. ومع قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (٢). وكيف يصعد إليه شيء هو معه؟ أو يرفع إليه عمل، وهو عنده؟ وكيف تعرج الملائكة والروح إليه يوم القيامة؟ وتعرج بمعنى تصعد -يقال: عرج إلى السماء إذا صعد، والله عز وجل "ذو المعارج" و"المعارج" الدرج. فما هذه الدرج؟ وإلى من تؤدي الأعمال الملائكة، إذا كان بالمحل الأعلى، مثله بالمحل الأدنى؟ ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه، لعلموا أن الله تعالى هو العلي، وهو الأعلى، وهو بالمكان الرفيع، وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه، والأيدي ترفع بالدعاء إليه. ومن العلو يرجى الفرج، ويتوقع النصر، وينزل الرزق. وهنالك الكرسي والعرش والحجب والملائكة.

يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (٣) وقال في الشهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٤) وقيل لهم شهداء، لأنهم يشهدون ملكوت الله تعالى، وأحدهم "شهيد" كما يقال: "عليم" و"علماء" و"كفيل" و"كفلاء". وقال تعالى: {لَوْ أردنا أن نتخذ لهوًا


(١) المؤمنون الآية (٢٨).
فاطر الآية (١٠).
(٣) الأنبياء الآيتان (١٩ - ٢٠).
(٤) آل عمران الآية (١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>